وهم يقولون: السيئة لا تمحى، لا بتوبة ولا حسنات ماحية ولا غير ذلك، وقد لا يفرقون بين الصغائر والكبائر.
قالوا: لأن هذا كله إنما يعلم بالسمع والخبر، خبر الله ورسوله.
قالوا: وليس في الكتاب والسنة ما يبين ما يفعل الله بمن كسب السيئات، إلا الكفر، وتأولوا قوله تعالى: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [النساء: ٣١]، بأن المراد بالكبائر: قد يكون هو الكفر وحده، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: ١١٦] .
وقد ذكر هذه الأمور القاضي أبو بكر بن الباقلاني وغيره، ممن يقول بمثل هذه الأقوال ممن سلك مسلك جَهْم بن صَفْوان في القَدَر وفى الوعيد، وهؤلاء قصدوا مناقضة المعتزلة في القدر والوعيد.
فأولئك لما قالوا: إن الله لم يخلق أفعال العباد، وأنه يشاء ما لا يكون، ويكون ما لا يشاء، وسلكوا مسلك نفاة القدر في هذا، وقالوا في الوعيد بنحو قول الخوارج، قالوا: إن من دخل النار لا يخرج منها، لا بشفاعة ولا غيرها، بل يكون عذابه مؤبدًا، فصاحب الكبيرة، أو من رجحت سيئاته عندهم لا يرحمه الله أبدا، بل يخلده في النار. فخالفوا السنة المتواترة وإجماع الصحابة فيما قالوه في القدر، وناقضهم جهم في هذا وهذا.
وسلك هؤلاء مسلك جهم، مع انتسابهم إلى أهل السنة والحديث واتباع السلف، وكذلك سلكوا في الإيمان والوعيد مسلك المرجئة الغلاة كجهم وأتباعه.
وجهم اشتهر عنه نوعان من البدعة: نوع في الأسماء والصفات،
1 / 103