الحسنة والسيئة
المؤلف: شيخ الإسلام ابن تيمية
َقَالَ الشّيخ الإمَام العَالم العَلاّمة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني تغمده الله تعالى برحمته:
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ.
فصل
فى قوله تعالى: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩] وبعض ما تضمنته من الحكم العظيمة.
هذه الآية ذكرها الله في سياق الأمر بالجهاد، وذم الناكثين عنه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا﴾ [النساء: ٧١] الآيات إلى أن ذكر صلاة الخوف، وقد ذكر قبلها طاعة الله وطاعة الرسول، والتحاكم إلى الله وإلى الرسول، ورد ما تنازع فيه الناس إلى الله وإلى الرسول، وذم الذين يتحاكمون ويردون ما تنازعوا فيه إلى غير الله والرسول.
فكانت تلك الآيات تبيينًا للإيمان بالله وبالرسول؛ ولهذا قال فيها: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾ [النساء: ٦٥] .
وهذا جهاد عما جاء به الرسول، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ١٥] .
وقال
1 / 17