حسن ونعيمة
حسن ونعيمة
حسن ونعيمة
حسن ونعيمة
تأليف
شوقي عبد الحكيم
حسن ونعيمة
قدمت على مسرح الجيب في عام 1964م.
إخراج:
كرم مطاوع.
صفحة غير معروفة
بطولة:
أمينة رزق.
توفيق الدقن.
محسنة توفيق.
ملك الجمل.
حسن عبد السلام.
الكورس.
ديكور:
رءوف عبد المجيد.
موسيقى:
صفحة غير معروفة
سليمان جميل. (بيت نعيمة من الداخل هو مكان هذه المسرحية، وزمانها بعد مرور سنوات طويلة على حادث الغدر بحسن وقتله في ذات المكان.
وحين يفتح الستار يفتح على صدر أو «دهليز» بيت من تلك البيوت القروية، المتهدلة القليلة بأعمدتها الطينية، والتي كثيرا ما تتكون من طابقين. تلك البيوت التي يمكن أن توجد متداخلة على بيوت الفلاحين الواطئة، والتي لا بد وأن جيرها تساقط مع شراعاتها ... دواوينها القديمة بدككها، ومصاطبها المفروشة بالحصر، وفراء الخرفان.
إلى اليمين - قليلا - توجد سلالم لها دربزين خشبي يقود إلى الدور الثاني حيث تقيم نعيمة، ويجاور السلالم مزير - أي بناء طيني - يعلوه زيران قديمان، ويحيط به نبات الصبار العجوز.
هنا وهناك أدوات منزلية، ومصاطب وكتب بلا لون.
إلى اليمين يبدو مدخل حجرة الأم، الحجرة نصف مظلمة، وإلى اليسار يبدو مدخل حجرة الأب، وإلى الخلف مدخل أو سرداب، يفضي إلى الباب الخارجي العريض المحكم الإغلاق بالمزلاج، ويؤدي إلى الحارة التي يقع البيت فيها.
حين يضاء المسرح إضاءة باهتة تدلف الأم من حجرتها، والأم هنا امرأة في العقد الخامس، سريعة الحركة، متحفزة، لا تسكن أبدا، تتأمل المكان قليلا، تبحث عن شيء، تتعثر، تتجه ناحية السلالم محاولة الإمساك بفرخ بط كبير، تحاوره قليلا، تتوقف شاردة.)
الأم (لنفسها) :
دا النهارده العيد (تزفر)
والناس فرحانة بره البيت. (تتوقف)
واحنا لازم نفرح زي الناس بالعيد. (تمسك بفرخ البط شاردة)
صفحة غير معروفة
بس لو كانت تسيبنا النهارده نعيش (تؤخذ قليلا)
دا بيقولوا البلد مفضوحة، وفيها رجل غريبة.
نعيمة (تظهر نازلة السلالم، بقوامها المديد، وملامحها الصارمة، وعينيها الحادتين، تتسمر، ترى الأم، ثم تسألها) :
إيه اللي ناوية تعمليه؟
الأم (تؤخذ، ثم باستهانة) :
حادبحه.
نعيمة :
زي زمان.
الأم (تؤخذ) :
لازم يندبح.
صفحة غير معروفة
نعيمة :
ادبحيه.
الأم :
عشان ناكل ونعيش ، كل الناس بتعمل كده (تتوقف)
دا النهارده العيد.
نعيمة (بمرارة) :
العيد!
الأم :
تعالي عشان تمدي إيدك وتمسكيه معايا، تساعديني.
نعيمة :
صفحة غير معروفة
أدبحه معاك؟ أنا؟ أمسك معاك؟ وعيزاني أمد إيدي (ترتبك، وهي تتخيل الماضي ... تسترجعه)
وهو بيرفض اللي ما عمروش أذى حد، وما يعرفش الشر (تشير)
وفيه إدين كتير ورجلين دايسه عليه، على نفسه، والغدر في كل حته (تحتد)
الدم ملو الأرض. (تواجه الأم التائهة)
الدم في كل حته.
الأم (مرتدة متخاذلة) :
أنا بقول ع الديك اللي في إيدي.
الكورس :
بتقول ع الديك، ونعيمة بتقول على حسن، وكل واحد يقول اللي في نفسه.
نعيمة (تغيب داخل نفسها) :
صفحة غير معروفة
أنا فاكراه ... قدام عنيه.
الأم (تستعطفها) :
طيب، ساعديني، امسكي معايا (بحنان)
دا انتي بنتي.
نعيمة (مبتعدة عنها) :
عايزة مني إيه؟ فيه إيه عيزاني أعمله.
الأم :
تولعي النار في الحطب.
نعيمة :
بتقولي تولعيها؟
صفحة غير معروفة
الأم (بهدوء) :
أيوه تولعيها وتساعديني (تقترب منها)
تمسكي معايا، والسكاكين ع الحيط.
نعيمة (بتحد) :
وحتى لو دبحناه ... أنا شيفاه وهو بيجري من غير راس، وشايفة اللي قتلوه بالسكاكين. (بتعقل تواجه الأم ...)
وقعوه ... وحشوها.
الأم (تذعر) :
امسكي معايا، امسكيه.
نعيمة :
عيزاني أحط إيدي معاكم ودمه يبقى هنا على هدومي؟ (تتلفت حولها)
صفحة غير معروفة
على كل حتة، هنا ع الحيطان، وعند السلالم.
الأم (لنفسها) :
مكنشي فيه حيطان (تستدير)
واللا كان (تتذكر)
أنا مش فاكراه، مش فاكراه قوي، اللي حصل.
الكورس :
مفيش حاجة بتتنسي، كله بيفضل هنا في الأرض، حتى الغدر.
نعيمة :
افتكري شوية، اسمعيه في ودانك وهوه بيتمرغ ع الأرض قدامك (تعاجلها)
هنا تحت رجليك الحتة اللي شيلاكي في الأرض، وكان ليل.
صفحة غير معروفة
الأم (لنفهسا) :
كان وش الفجر.
نعيمة :
ومكنشي فيه حس، هو بس اللي كان بيصرخ وياكل في الأرض (تدور حولها تواجهها)
والدم حصل هدومك.
الأم (تفزع) :
هنا. (تبحث ملابسها)
هنا لأ. (تتوقف)
أنا قلعتها، قلعتها خالص ورميتها هناك (تتوقف)
لأ، أما حرقتها بالجاز (تتذكر)
صفحة غير معروفة
مش بالجاز، أنا مسكتها في إيدي الجلبية التييس السودة، ورحت رمياها في شروقة الفرن على طول دراعي. (لنعيمة)
أنت اللي بتجيبهالي، وتلبسهالي كل ما تشوفيني يا نعيمة وأحط وشي في وشك (لنفسها)
أخليها؟ ودا معقول أحطها تاني على جسمي؟ بدمها اللي حصلني؟ (تتحسر)
دا غرقني، ملا هدومي، دا وصل لهنا (تتوقف في منتصف المسرح، وتسلط عليها إضاءة ملتهبة، وتروح تبحث وتتشمم ملابسها)
يا سلام يا بنتي! أحطها تاني على جسمي وأمشي بيها في الدنيا (تنكس)
دا أنا عترت في السلالم، ومن يومها ما قمتش ووقفت على حيلي، (ترفع رأسها شيئا فشيئا لتواجه نعيمة)
وانتي شوفتيني يا نعيمة وعنيك شرختني، زي المنشار في الخشب وانتي في وقفتك فوق ع السلالم. (صمت طويل.) (يدلف الأب بقفطانه المخطط وسرواله وأقدامه العارية سريعا مهرولا منكسا، من حجرته المظلمة إلى اليسار سائلا.)
الأب :
بتقولوا ع اللي حصل.
نعيمة :
صفحة غير معروفة
يوم الدم.
الأم :
بنقول.
الأب (يستدير مبتعدا، غير مبال) :
المغنواتي.
نعيمة :
أيوه.
الأب :
وهو مرمي في الأرض بخطره.
نعيمة :
صفحة غير معروفة
أيوه، بخطره.
الأب :
برغبته.
نعيمة (تقترب منه، تسأل) :
شفته؟ بعينك شفته، وهو بيلخص من راسه، زي الطور المدبوح؟
الأب (يبتعد مغمغما) :
أنا ما شفتوش، ومفيش حاجة حصلتني (يعلو صوته الخالي من التعبير)
أنا كنت بعيد عند الباب (يتوقف يستدير لنعيمة مستاء)
والحكاية دي قديمة قوي (مشوحا)
دا فات عليها كتير (محتدا)
صفحة غير معروفة
هيه مش ناوية تخلص، تغور، تنزاح من قدام عنينا؟ (يتحسس يديه)
دا مفيش حاجة بتستنه، النخل بيقع، وحتى البيوت بتتفتت وتبقى تراب ندوس عليه واحنا ماشيين، والناس، كله بيروح وما نشوفوش، ننساه، الحلو والوحش كله بنرميه من ورا ضهرنا، على طول دراعنا نرميه.
الكورس (يسخر) :
نرميه؟ يا ريت، هو فيه في الدنيا حاجة بنعملها ونرميها.
نعيمة (محتدة) :
نرميه فين؟ قول، فين؟
الأب :
نرميه.
الأم (لنفسها إلى الخلف) :
أنا رميته مالبستوش (تهرول إلى الداخل، تتسمر)
صفحة غير معروفة
في الشروقة.
نعيمة (للأم) :
الدم.
الأم (لنفسها) :
ودا معقول؟ أحطه على جسمي؟ بدمه؟
نعيمة (للأم) :
الدم؟
الأب (يتولاه التوتر، شيئا فشيئا) :
يا نعيمة ابعدي عني.
الأم (لنفسها) :
صفحة غير معروفة
دي حاجة تخوف.
نعيمة :
احنا بس بنفتكر، بنجيب اللي ورانا ونشوفو.
الأب (يتذكر) :
أنا ماشوفتوش، أنا لحقت نفسي (يمثل )
حطيت إديه لتنين على عنيه وأنا واقف ورا الباب، وبعد كده اترميت ع الباب (بحدة)
ما قدرتش أقوم، واقف على رجليه.
الأم :
دي كانت جلبية الفرح.
الأب :
صفحة غير معروفة
ما قدرتش (يسائل نفسه)
أقدر ازاي؟
نعيمة (مغمغمة) :
بنفتكر.
الأم :
كانت آخر مرة (لنفسها)
وبعد كده ماقدرتش.
نعيمة (تشير إليهما) :
انتو لتنين.
الكورس (مؤكدا) :
صفحة غير معروفة
هما لتنين، أمك وأبوك.
الأب (يعاوده المرح) :
أنا بقول على نفسي (للأم)
وكل واحد يقول على نفسه، هيه كده العيشة، محدش يقف على كتف التاني، أيوه، يعني كل واحد يقف على رجليه، يشيل نفسه ويمشي. (يضحك ويصفق بيديه شأن الأطفال)
الجدع اللي يمشي، اللي يحط رجله ويمشي، ما يقعشي في الأرض زي الحيطان ويتوه في التراب. (يفتر مرة واحدة)
أيوة، هيه كده.
الأم :
أنا ما قلتلكشي شيلني وامشي بيه (فترة)
محدش بيشيل حد في الدنيا دي.
نعيمة (فجأة) :
صفحة غير معروفة
أنا بس اللي شيلاه وماشية بيه من يومها.
الأب :
ما هو كلنا شايلين (يضحك)
مش انتي بس وحدك ... بزورك اللي شيلاه. (يهزل مقلدا ابنته)
أنا بس (يجرها نحوها)
ليه انتي بس ... وحدك.
نعيمة :
أنا مقتولة، وما عملتش حاجة. (تسألهما في شيء قليل من الشك)
أنا عملت حاجة؟
الأم (تتسمر) :
صفحة غير معروفة
انتي كنتي موجودة (ثم بتأكيد)
انتي موجودة.
نعيمة (تروح تدافع عن نفسها) :
أنا كنت بعيد، مالمستوش، إيدي ما تحتطش عليه، على شعرة منه، على خيط من هدومه.
الأب (يغيظها) :
لكن كنتي معايا، ولك يد في اللي حصل، لك ... لك ... لك.
الأم (تهرول ناحية السلالم، وتضاعف الإضاءة على السلالم، تبدو خربة متهالكة) :
كنتي واقفة هنا. (بحماس فجائي)
أنا شفتك وانتي هنا، وإيدك ع الدربزين وكل حاجة قدام عنيك، اللي بيحصل، اللي كلنا عملناه، كل واحد حط إيده فيه (تروح تحصي الموجودين)
أنا، وده، وده. (تتوقف)
صفحة غير معروفة