الغزل والزينة
ونشر بشار فيما بينهم الغزل المتهتك، ونشر أبو نواس الغزل بالمذكر، وقيدوا قوانين الظرف بوصفهم الظريف بأنه: لا يتدخل في حديث بين اثنين، ولا يتكلم فيما لا يفهمه، ولا يتثاءب، ولا يستنثر، ولا يتجشأ، ولا يتمطى في المجالس، ولا يمد رجليه، ولا يمس أنفه، ولا يسرع في المشي، ولا يجلس إلا حيث يجلس أمثاله، ولا يأكل مما يتخذ في الأسواق، ولا يأخذ شعره في دكان حلاق، ولا يماكس في الشراء، ولا يشارط صانعا، ولا يصاحب وضيعا، وأن يكون طيب الرائحة نظيف البدن، ولا يطول له ظفر، ولا يسيل له أنف. ومن أثر بغداد ما وصف به ابن جرير الطبري فقيل: كان إذا جلس لا يكاد يسمع له تنخيم أو تبصق، وإذا أراد أن يمسح ريقه أخذ ذؤابة منديله، ومسح جانب فيه، ومن قولهم:
لا خير في حشو الكلا
م إذا اهتديت إلى عيونه
والصمت أجمل بالفتى
من منطق في غير حينه
ويساوي ابن بغداد ما يسمي عندنا اليوم بابن البلد، وهم يكثرون من التزين: زينة الشعر، وقد تفننوا فيه، وكان للجواري تفنن في شعرهن: فمنهن من يجعلنه فوق رأسهن كالتاج، ومنهن من يجعلنه كالعناقيد، ومنهن من تسدل شعرها على أذنها، وتقطع ما بينها وبين وجنتيها، ومنهن من يستعمل الطرة الهلالية: وهي أن يسدل جميع الشعر فوق الجبهة ثم يقطع منه مثال نصف دائرة فتكون كأنها الهلال.
واستكثروا من الدهن للشعر ، قال الجاحظ في أيامه: «ذهبت الفتيان، فما ترى فتى يفرق الشعر بالدهن»، وغلف النساء شعورهن بعد غسلها بالمسك، والعنبر، واستعملن الحناء والخضاب، وكتبن على الأكف والأيدي بالحناء، قال الماوردي: قرأت على راحة قائد جارية لبعض جواري المأمون على اليمنى بالحناء:
فديتك قد جبلت على هواكا
فقلبي ما ينازعني سواكا
صفحة غير معروفة