وكان من حسن حظ الرشيد رواج ألف ليلة وليلة رواجا عظيما في الغرب، ووقوفهم على قيمتها، عكس ما كان ينظر الشرقيون إليها قديما؛ فقد وصفها ابن النديم بأنها قصص تافهة، ولكن الغربيين رأوا فيها خير ما يمثل الحياة الاجتماعية، فيما تروي من عقائد، ومن حوار، ومن مكر نساء، ومن لعب شطرنج إلى غير ذلك، ورأوا أنها تمثل الشرق من جميع نواحيه، فعنوا بها من نواح مختلفة ...
فأولا:
من جهة نشر نصوص الكتاب التي عثروا عليها.
وثانيا:
من جهة ترجمتها إلى لغات غربية مختلفة.
وربما كان أول من ترجمها إلى الفرنسية الأديب الفرنسي «جالان» ثم «إدوارد لين» إلى الإنجليزية، ثم «لتمن» بالألمانية.
وقد راجت هذه الترجمات رواجا منقطع النظير، وكان في رواجها رواج للرشيد معها، فلما رآها المترجمون قد راجت، وقرأها الكثيرون شغفوا بالرحلة إلى البيئات التي نشأت فيها ألف ليلة وليلة، ودعاهم ذلك إلى تعلم اللغة العربية، ووضع كتب فيما شاهدوه على أثر هذه الرحلات.
ثم كانت الخطوة الثالثة، وهي استغلال هذه الترجمة باستيحائها، ووضع قصص أحيانا للأطفال، وأحيانا للكبار، وأحيانا تمثيلية، وأحيانا غير تمثيلية، وهكذا.
وكلها عملت لهارون الرشيد عمل السحر، مما لم تعمله أية دعاية لأي ملك آخر.
الخليفة العباسي
صفحة غير معروفة