فقاطعه الحاج علي قائلا: يفرون جماعة. - يا رجل حرام عليك، أنت حاج! - وما دخل الحج بهذا؟! أكنت حججت حتى لا أقول الحق؟ - أي حق؟ - حقك علي. - وأنا ما لي حقي أو حقك، أتراك فرغت من الخفراء وتريد أن تستدير إلي؟ - لا والله، ولكني أعرف أنك تحمل لي بعض الغضب في نفسك منذ النقاش الذي دار بيننا عند العمدة، وأنا غلطان. - النهاية يا حاجعلي. - لا تكن غضوبا، أنا غلطان، أنا غلطان لك وللحاج إبراهيم.
وحينئذ أجاب الحاج إبراهيم في شيء من عدم المبالاة: يا سيدي العفو، لا غلط ولا يحزنون.
فقال الحاج علي وقد لطف من صوته بعض الشيء: والله ما كنت أعلم أنك ستغضب كل هذا الغضب؛ فقد تعودت أن أمازحك بشأن هذا الفدان.
فقال الحاج إبراهيم: المزاح شيء والجد شيء، النهاية سأترككم هنا لأذهب إلى البنت سعدية وآخذها إلى بيت زوجها.
فقال الحاج علي: وستأتي بعد هذا إلى الدكان؟
فقال الحاج إبراهيم: سأرى.
فأقسم الحاج علي عليه أن يأتي، وراح يكرر له الاعتذار بعد الاعتذار حتى لان جانبه ووعده أن يلحق بهما، ثم تركهما وحاد إلى طريقه، وأكملا هما طريقهما إلى الدكان، وما كادا يجلسان به حتى أقبل إليهما أحمد أبو خليل، وما إن رآه الشيخ رضوان حتى هم بالقيام فإذا أحمد ينكب على يده يقبلها. - لماذا يا عم الشيخ رضوان؟ ماذا فعلت لك حتى تغضب علي كل هذا الغضب؟
فلوى الشيخ رضوان رأسه عن محدثه، وقال الحاج علي: كيف تسأل؟ ألا تعرف؟
فقال أحمد: ليس بيني وبين عمي الشيخ رضوان شيء إلا إذا كان غاضبا؛ لأني سألته عن صحة حديث لم أكن متأكدا منه، ثم تأكدت أنه صحيح وارد في صحيح البخاري، فهل حرم السؤال يا عم الشيخ رضوان؟
فقال الشيخ رضوان في خيلاء أن وضح علمه بعد أن كان الحاج علي ينكره عليه وقال: يا بني ما لك وللعلم؟!
صفحة غير معروفة