وتحدث ما شئت عن مبلغ اهتمام محمد علي باشا بكل ما يتصل بالترجمة من حيث السرعة والدقة والعمل، وحسن طبع المؤلفات المترجمة، وحسن تجليدها إذا أهديت إلى المكتبات الكبرى في أوروبا، وقد وجدنا في المحفوظات التاريخية جملة وثائق تؤيد هذا الاهتمام أوضح تأييد.
السرعة في العمل:
صدر أمر كريم في 15 ربيع الثاني 1250 بإحالة ترجمة قانون السفرية الجديد إلى المدعو أسطفان أفندي، والتشديد عليه في الشروع في ترجمته بعد فراغه من ترجمة الكتاب السابق إحالته إليه، وفي 28 ذي الحجة سنة 1250 صدر أمر آخر في شأن ترجمة الكتاب الفرنسي الخاص بأنظمة وترقيات العساكر «وبناء عليه يشير بأنه لكون ترجمة هذا الكتاب من الأمور المهمة المستعجلة يلزم جمع التراجمة، وإعطاء كل مترجم كراسا؛ لتسهيل ترجمته في أقرب وقت»، وكذلك طلب الجناب العالي إلى كاني بك «أخذ ثلاث نسخ من تعليمات الطوبجية التي وجدت على أن تؤخذ من أدهم بك، وتترجم بسرعة على أنها لازمة جدا.»
30
الدقة:
ورد في الوقائع المصرية رقم 348 بتاريخ 3 رمضان سنة 1247 «بناء على التماس سريوس أفندي المترجم طبع الكتاب المشتمل على اصطلاحات اللغات الخمس السابق صدور أمر سعادة أفندينا ولي النعم بطبعه بعد ترجمته، ولصلاحه يشترط أن يقوم المترجم بمباشرة طبعه، وأن يذهب بذاته لمراجعة تصحيحه بالمطبعة، ويكون بمعيته رجل خبير باللغات.»
وفي المحفوظات التاريخية أمثلة كثيرة تؤيد رغبة الوالي في توخي الدقة في أعمال الترجمة. منها أمر عال إلى بوغوس أفندي بتاريخ 11 جمادى الآخرة سنة 1245 فحواه: «أن الجناب العالي اطلع على ترجمة الكتاب الخاص بارتفاع قيمة العملة بعد رفع الحصار عن مضيق البحر الأسود، وتوصية مقادير من الذهب لإحضارها إلى تركيا، ولاحظ في الكتاب المذكور بعض الإبهام بخصوص قيمة العملة، وأصدر أمره الكريم بتوضيح هذه الإبهامات، وعرضها على أعتابه الكريمة.»
31
وكذلك الأمر إلى الخزينة دار السر عسكر بتاريخ 7 ذي القعدة سنة 1248 «فيطلب إليه أن يرسل حسن أفندي مترجم كتاب تاريخ إيطاليا، ومعه النسخة الأصلية في أقرب فرصة إلى الإسكندرية حيث إن عزيز أفندي القائم بتصحيح الترجمة لا يمكنه أن يصحح بعض أوراقه إلا بوجود المترجم والنسخة الأصلية.»
32
صفحة غير معروفة