فنظر إلى المرآة الصغيرة بيده وتمتم: كاذبة.
فاقتربت منه مركزة بصرها على هدفها كالقطة عندما تنقض على الفأر. استخلصت من الذؤابة شعرة وقالت: ها هي يا معلم.
تفحصها في المرآة. لا مفر ولا مكابرة. كأنما في سوء ضبط، كما ضبط منذ أعوام وأعوام وهو يتسلل إلى بدروم عيوشة. امتلأ قلبه بالاستياء والحنق، والخجل. وتجنب النظر إليها متمتما باستهانة: وماذا يعني هذا؟!
ومضى وهو يقول: يا لك من حقود!
42
لم يمر الاكتشاف بسلام كما توقعت. كان يتفحص رأسه كل صباح بتدقيق واهتمام. ندمت على ما بدر منها، وقالت مداهنة: لا علاقة البتة بين الشيب والعافية.
ولكنه كان يتساءل عما بلغ من عمر: متى بلغه؟ كيف قطع ذلك الشوط الطويل؟ ألم يهزم غسان أمس؟ وكيف هرم دهشان وبات يمشي مثل طفل؟ وأي قيمة لفتوة بغير قوة دائمة؟
وعادت عجمية تقول: الصحة هي ما الله نسأل.
فسألها بغيظ: لماذا تكثرين من الحكم الفارغة؟!
فضحكت لتهون من حدته وقالت: الصبغة لا تعجب الرجال.
صفحة غير معروفة