مشى شمس الدين بحذاء الحمار مطمئنا ومثخنا بالجراح. طالما رأى الشعاع يسيل مبتهجا عقب الغيوم الممطرة. لا خجل من الضعف إذا المرء عليه انتصر. وما معنى القوة إذا لم تستو فوق خلجات الخور. فانهل من رحيق الحياة السامي النابع من علو الهمم.
وأمام دكان محمود قطائف شد اللجام فتوقفت العربة.
وهرع إليه الرجل متلهفا، فتخطاه بنظرة باردة وقال بحزم: عاشور الناجي لم يمت!
29
وكان شمس الدين ماضيا نحو مسكنه ليلا عندما اعترضه شبح امرأة. همست: مساء الخير. - عيوشة! ماذا جاء بك؟ - هلا تبعتني إلى حجرتي؟
خفق قلبه. خاف الدعوة. ثار فضوله. اشتعل شبابه. مضى وراءها صاغرا.
30
همست العجوز وهي تتقدمه في الدهليز: أمرك عجيب! - ماذا؟ - ألا يحق لنا أن نسأل لم يرفض البدر في تمامه؟
فتحت باب الحجرة فارتمى ضوء المصباح على الأرض. تنحت من أمامه وهي تدفعه بيدها. رأى ست قمر جالسة على حافة الفراش، وهو الموضع الوحيد الصالح للجلوس، مبرقعة ملفوفة في ملاءتها، غاضة البصر من الحياء.
وقف يرنو إليها في غاية من الانفعال.
صفحة غير معروفة