وحرك يده محذرا وواصل: يلزم كل مكانه، يرضى بما يقع، وخرق العهد معناه الضياع للجميع.
لم ينبس أحد. ظل الخلاء يرنو بنظرته الباردة القاسية الساخرة، ونعق غراب في القبة الصافية، فعاد شعلان الأعور يقول: للفائز الحق، وعلى الجميع الطاعة وأولهم الخاسر.
استسلمت الجباه المبللة بالعرق للمقادر ولم تعترض، فخاطب شعلان غسان متسائلا: تتعهد بالطاعة إذا الآخر انتصر؟
فقال غسان: أتعهد والله شهيد. - وأنت يا دهشان؟ - أتعهد والله شهيد.
فقال شعلان: اللمسة كافية لتقرير النصر، والحذر الحذر من عنف لا يورث إلا الضغينة.
واتسعت الدائرة فاقتصرت الحلقة على غسان ودهشان. جسمان متينان يلعبان بالنبوت لعب الحواة ويتحفزان. وثب غسان إلى الأمام فانقض عليه دهشان. التحم النبوتان وتحاورا برشاقة ومكر ودهاء. يجهد كل للنفاذ إلى ملمس، فيقابل بالصد والرد والإفلات، ويستحر الهجوم والحذر والإصرار، وتبارك الشمس النضال بجحيمها المستعر.
وبحركة خاطفة مباغتة يعمى الحذر فيلمس نبوت غسان ترقوة دهشان.
وتهتف جماعته بحماس متقد: غسان! غسان! اسم الله عليه!
وتراخى دهشان وهو يلهث ويتجرع الأسى. ومد له غسان يده وهو يقول: نعم الأخ أنت !
فشد عليها دهشان وهو يتمتم: ونعم الفتوة أنت!
صفحة غير معروفة