فتدخل الشيخ جليل قائلا: تقدم إلى فتوتنا واسأله العفو.
فقال عاشور ببرود: لم أجئ لطلب العفو.
فهتف يونس السايس: ما عرفناك مغرورا ولا وقحا.
فقال بسخرية: بالصدق نطقت.
عند ذاك نتر حسونة السبع ساقيه المتشابكتين نحو الأرض وسأله منذرا: علام تعتمد في رجوعك إن لم يكن على عفوي؟
فقال بصوت جهوري: اعتمادي على الله جل شأنه.
فصاح السبع: اذهب على قدميك وإلا ذهبت على نقالة.
فوقف عاشور وشد على نبوته. اندفع صبي القهوة خارجا مناديا رجال العصابة. هرع الآخرون إلى الحارة خوفا. انقض السبع بنبوته، وانقض عاشور بنبوته، فارتطم النبوتان بعنف جدار متهدم. ونشبت معركة غاية في الشدة والقسوة.
وجاء رجال العصابة من شتى الأنحاء فاختفى الناس من الحارة وأغلقت الدكاكين، وامتلأت النوافذ والمشربيات.
وإذا بمفاجأة تدهم الحارة كزلزال. مفاجأة لم يتوقعها أحد. تدفق الحرافيش من الخرابات والأزقة، صائحين، ملوحين بما صادفته أيديهم من طوب وأخشاب ومقاعد وعصي. تدفقوا كسيل فاجتاحوا رجال السبع الذين أخذوا، وبسرعة انقلبوا من الهجوم إلى الدفاع. وأصاب عاشور ساعد السبع فأفلت منه النبوت، عند ذاك هجم عليه وطوقه بذراعين، عصره حتى طقطق عظامه، ثم رفعه إلى ما فوق رأسه ورمى به في الحارة فتهاوى فاقد الوعى والكرامة.
صفحة غير معروفة