فهتف عاشور: رباه. لقد أسهمت نقودي في بنائها!
فقال هبة الله: إنما الأعمال بالنيات. - والحكومة؟ - أخذ الرخصة ولا شك.
فقال عاشور محزونا: حارتنا لم يشيد بها سبيل للعطشى ولا زاوية للمصلين بعد، فكيف تقام بها بوظة؟!
وافتتح البوظة قنصوه الفتوة ورجاله، فزادت كآبة عاشور وتمتم: وأيضا وجد الحماية!
16
ثمة ضجة وراء شباك البدروم. ما هذا؟ ألا تكف هذه الحارة عن الشجار؟ عاشور فوق الكنبة الوحيدة بالحجرة يحتسي قهوته، والمصباح لم يشعل بعد. ضلفة الشباك ترتعش بهبة من أنفاس الشتاء الباردة، وزينب عاكفة على كي ملابس بالجندرة. رفعت زينب رأسها وقالت بانزعاج: هذا صوت رزق الله! - الأولاد يتشاجرون؟!
وهرعت زينب إلى الخارج، وسرعان ما جاءه صوتها وهي تصيح: يا مجانين احتشموا!
وثب عاشور ناهضا. في لحظة كان يقف وسط أبنائه. صمتوا ولكن الغضب لم يتلاش من وجوههم. هتف: ما شاء الله!
لاحت منه نظرة إلى الأرض فرأى مخطط سيجة مبعثرة فوق حصوات اللعب، فتساءل بحدة: تلعبون أم تقامرون ؟
لم يجبه أحد. اشتعل غضبا. تساءل: متى تصيرون رجالا؟
صفحة غير معروفة