كأن ما يربط رمانة برئيفة شيء أقوى من الخير والشر والنزاع. لا يفرط أحدهما في الآخر مهما نشب بينهما من خلاف. النقار متواصل والحب متواصل. يختلط العنف بالدلال، الزجر بالتنهدات، سوء الظن بالقبل. هي في اعتقاده عقيم وهو في حدسها عقيم، هو رجلها الوحيد، وهو أيضا لا يخطر له أن يتزوج عليها. ويقول وهو ثمل: إنها قدر!
27
وتوفي رضوان بكر الناجي عقب مرض قصير. كان قد اعتزل الحارة حتى نسي تماما، فتذكره الناس بالموت بضعة أيام. وزعت تركته بالاتفاق حتى يخلص المحل لرمانة وقرة، ووزعت بقية التركة بين أنسية زوجته وصفية أخته.
28
ولم يعد رمانة يقنع بالبوظة والمخدرات، فانزلق إلى القمار يدفن فيه ضجره. وتصبر قرة ما تصبر حتى فاض به الكأس، فقال له يوما وهما في حجرة الإدارة: إنك تبعثر مالك بلا حساب.
فقال بجفاء: إنه مالي! - تضطر أحيانا إلى الاقتراض مني! - هل أكلت عليك قرضا؟
فقال قرة باستياء: ولكن ذلك ضار بعملنا المشترك، ثم إنك لا تكاد تبذل فيه أي جهد!
فقال رمانة بامتعاض: إنك لا توليني ثقتك.
فصمت قرة مليا، ثم قال: من الخير لكلينا أن ننفصل، فليستقل كل بتجارته قبل أن نغرق معا.
29
صفحة غير معروفة