تجنب خضر رؤيتها. حتى الغداء كان يتناوله في المحل، والعشاء في أي سهرة مفتعلة. لم تلاحظ سنية شيئا، ومرت الساعات في هدوء ودعة في دار سنية السمري.
وعصفت الأحزان والقلق بقلب خضر. ماذا عليه أن يفعل؟ إنه مهجور مع مشكلة لا يجوز فيها المشاورة. نازعته نفسه إلى هجر الحارة كلها، ولكن أين يذهب، وبأي عذر يتعلل؟ إنه صاحب مبادئ طالما قال عنه سليمان إنه تشرب ببعض روح الناجي وإن حرم من قوته وسيطرته، بخلاف شقيقه بكر الذي عشق التجارة والمغامرة والربح.
إنه يتعذب ولا يفعل شيئا، ويسلم للمقادر بلا ثقة ولا اطمئنان.
18
رجع بكر من رحلته فقصد المحل قبل الدار. استقبله خضر بحرارة. أقبل بكر متهللا بالفوز وهو يقول : صفقة رابحة والحمد لله.
فابتسم خضر مرحبا، فتساءل بكر: كيف حال العمل؟ - عال.
وإذا به يسأله: لست كعادتك، ما لك؟
فارتعد، وتعلل بوعكة عابرة. كيف يمكن أن تطيب المعاشرة بعد ذلك؟ سجل تفاصيل الصفقة في الدفتر والأفكار تتلاطم في رأسه. الإفضاء إليه بالسر جريمة، وإخفاؤه عنه جريمة أخرى. كيف يمكن أن يختفي؟
وقام بكر وهو يقول: إني مرهق ويحسن بي أن أذهب إلى الدار.
19
صفحة غير معروفة