حقيقة السنة والبدعة - الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع
محقق
ذيب بن مصري بن ناصر القحطاني
الناشر
مطابع الرشيد
سنة النشر
١٤٠٩ هجري
تصانيف
علوم الحديث
أوقعت كثيرًا من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه. ولهذا تجد أقوامًا كثيرة من الضالين يتضرعون عند قبر الصالحين، ويخشعون، ويتذللون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادة لا يفعلونها في بيوت الله المساجد، بل ولا في الاسحار بين يدي الله تعالى، ويرجون من الصلاة عندها والدعاء ما لا يرجونه في المساجد التي تشد إليها الرحال.
فهذه المفسدة هي التي حسم النبي (مادتها حتى نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقًا وإن لم يقصد المصلى بركة البقعة ولا ذلك المكان سدًا للذريعة إلى تلك المفسدة التي من أجلها عبدت الأوثان. فأما إن قصد الإنسان الصلاة عندها، أو الدعاء لنفسه في مهماته وحوائجه متبركًا بها راجيًا للإجابة عندها، فهذا عين المحادّة لله ولرسوله، والمخالفة لدينه وشرعه، وابتداع دين لم يأذن به الله ولا رسوله ولا أئمة المسلمين المتبعين آثاره وسننه.
فإن قصد القبور للدعاء رجاء الإجابة فمنهي عنه، وهو إلى التحريم أقرب. والصحابة ﵃ وقد أجدبوا مراتٍ - ودهمتهم نوائب بعد موته (، فهلا جاءوا فاستسقوا واستغاثوا عند قبر النبي (وهو أكرم الخلق على الله ﷿، بل خرج فيهم سيدنا عمر بن الخطاب ﵁ بالعباس عم النبي (إلى المصلى فاستسقى به، ولم يستسقوا عند قبر النبي (.
فاقتد أيها المسلم إن كنت عبد الله بسلفك الصالح، وتحقق التوحيد الخالص؛ فلا تعبد إلا الله، ولا تشرك بربك أحدًا،
1 / 118