حقيقة البدعة - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
عدنان بن صفا خان البخاري
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
والفأل، إمَّا بالنَّظر في المصحف أو كتاب آخر، وإمَّا بالسُّبحة ونحوها.
ويمكن أن يغلو بعضهم فيعتمد مثل ذلك في إثبات الأحكام الدينية، وذلك جهل وضلال.
وقد حُكِي أنَّ بعض الطُّغاة ــ وكان اسمه الوليد ــ تفاءَلَ في المصحف يومًا، فوقع على قول الله ﷿: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [إبراهيم: ١٥]، فمزَّق المصحف ورمى به، وقال:
تُهَدِّدُني بجبَّارٍ عنيدٍ ... فَهَا أنَا ذاكَ جَبَّارٌ عنيدُ
إذا ما جئتَ ربَّك يوم حَشْرٍ ... فقل: يا ربِّ مزَّقني الوليدُ (^١)
وهذه الطريقة التي اعتادها الناس في التَّفاؤل قبيحة جدًّا، فإنَّه ربَّما يريد شراء دار ــ مثلًا ــ فيتفاءل، فيَظْهَر الفألُ بما يراه أمرًا بالشراء، ثم يظهر له بالدلائل العادية أنَّ شراءها ضررٌ عليه في دينه ودنياه، فإن غلا بعضهم واستعمل مثل هذا في الأمور الدِّينية كالحج، بأن يستخبر الفأل، أَيَحجُّ أم لا؟ فربَّما خرج الفأل [ينهى] (^٢) عن الحج.
_________
(^١) الطاغية المقصود هو: الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، أحد ملوك بني أميَّة، قتل سنة ١٢٦ هـ.
والخبر في: "المنتظم" لابن الجوزي (٧/ ٢٤١)، و"الكامل" لابن الأثير (٤/ ٤٨٦)، و"الأغاني" للأصفهاني (٦/ ١٢١)، و"نهاية الأرب" للنويري (٢١/ ٢٩٤)، وغيرها من مصادر التاريخ والأدب بنحو سياق المؤلِّف، وفيها: أنَّه نصب المصحف ثم رماه بسهمٍ، ثم أنشد البيتين. ولفظهما في بعضها: "أَتُوْعِدني" بدل "تهددني"، و"خرَّقني" بدل "مزَّقني".
(^٢) زيادة يقتضيها السياق.
6 / 99