وركز على قواعد ثابتة، وتحولت به قوى العقل من التخبط في دياجير الخيال إلى الدرس الاختباري، فارتقت حينئذ العلوم الطبيعية ارتقاء عظيما كاد يربط أطراف العالم بعضها ببعض، وسوف تجعله وطنا واحدا،
57
فغلبت حينئذ قوى التحول الارتقائي
58
في الاجتماع غلبة ظاهرة على قوى الاحتفاظ التقهقري، وصار كل عمل اليوم في قطر يرن صداه في الأقطار الأخرى بالانصياع لا بالمقاومة.
59 •••
وقد قل الميل إلى تلك المباحث العقيمة عن ذي قبل، وقل الاعتناء بالعلوم العقلية والفلسفية في المدارس الراقية،
60
مجردة كانت أم مادية، وإذا كان العلماء الطبيعيون في القرن الماضي لجئوا إلى الفلسفة أحيانا لرد غارات مقاوميهم، فإنما فعلوا ذلك اضطرارا لدفع المثل بالمثل مع انصياعهم في برهانهم إلى الدليل الحسي الراهن، وإذا كان لعلوم النظر شأن كبير في العلوم الطبيعية نفسها حتى اليوم؛ فلأن العلوم الطبيعية نفسها لا تزال في أولها، ولم تنتشر الانتشار الكافي بعد؛ ولأن مجرى الأفكار أيضا لا يزال متأثرا جدا بتلك المبادئ النظرية العريقة فيها منذ القدم،
61
صفحة غير معروفة