ومرافق الشخص المكون، إذ كان القلب ينفرد بخصائص أفعال الانسان:
مثل الجرأة والاقدام، والكف والاحجام، إلى غير ذلك: من الجذل والغبطة، والكمد والغمة، فخصه تعالى بالذكر، لان سائر الأعضاء في حكم التابعة له والمنوطة به. ومن الشاهد على ذلك أحد التأويلات التي فسر بها قوله تعالى: <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/8/24" target="_blank" title="الأنفال: 24">﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون﴾</a> (1)، فقيل: معنى ذلك أنه يميته، ومعلوم انه إذا اماته حال بين نفسه وبين سائر أعضائه، ولكنه خص القلب بالذكر لشرف موقعه، وعظيم نفعه، وكون سائر الجوارح له خدما وحفدة، وعنه مصدرة وموردة، فلذلك خصه ههنا بالذكر على ما بينا.
8 - وقال بعضهم: قد يجوز أن يكون سؤالهم ألا يزيغ الله تعالى قلوبهم معناه ألا يميلها بعقوبة يحلها بها كالمسخ وما يجري مجراه، لان الزيغ في أصل اللغة: الميل، والمسخ: إنما هو إمالة الخلقة عن الحال التي كانت عليها إلى غيرها من الهيئات والصور، ويكون المراد بهذا القول الاستعفاء من عقوبة مستحقة يخافونها، بما لا يأمنونه من مواقعتهم المعاصي في المستقبل. وهذا القول شديد التكلف، إلا أني أحببت ايراده لغرابة طريقته، وغيره أولى بالاعتماد عليه والقول به.
9 - وقال قاضي القضاة أبو الحسن: ليس كل من سأل ربه ألا يفعل به شيئا تدل مسألته على أنه تعالى يختار ذلك الشئ ويفعله، فاذن معنى هذا الدعاء إما أن يكون المراد لا تشدد علينا المحنة في التكليف،
صفحة ٢٢