وقال قاضي القضاة أبو الحسن (1) - بعد ذكره طرفا من الخلاف في هذه الآية -: [وما يقوله من حمل العطف على حقيقته وجعل للعلماء نصيبا من علم التأويل على تفصيله أو جملته، إما أن يكون المراد بذلك عنده وما يعلم تأويله إلا الله وإلا الراسخون في العلم ومع علمهم بتأويله (يقولون آمنا به)، أو يكون المراد أنهم يعلمون تأويله في حال قولهم: (آمنا به كل من عند ربنا)، ومن قال بذلك استدل بظاهر العطف، وأنه يقتضي مشاركة الثاني للأول في ما وصف به الأول وأخبر به عنه]. وقال: [إذا أمكن ذلك وأمكن حمل قوله تعالى:
(يقولون آمنا به) على الحال أو على خبر ثان وجب القول بذلك، ولكلا الوجهين مسرح في طريق اللغة. وإنما ينبغي أن ننظر من جهة المعنى، فان ثبت بالدليل صحة أحد المعنيين قضي به، وإلا لم يمتنع أن يرادا جميعا إذا لم يقع بينهما تناف].
قلت أنا: وهذه طريقة لأبي علي (2) فيما ورد من القراءات متغايرا فإنه يقول: (إذا كان يمكن حمل الكلام على القراءتين المختلفتين، فإنهما جميعا مرادتان، إذا صحت القراءة بهما جميعا، نظير ذلك قوله سبحانه (وجدها تغرب في عين حمئة) (3) وقد قرئ حامية).
فيقول: [إنه يجب أن تكون العين على الصفتين معا، فتكون حمئة من
صفحة ١٠