فصل في الكلام في الروح
اعلم أن الروح جسم لطيف مجانس للهواء.
والدليل على أنه جسم أنه قائم بنفسه بل لا يعلم الحيوان ولا يقدر إلا به؛ ألا ترى أن الدواب تحمل الأثقال، فإذا زايلها الروح لم تحمل أنفسها فضلا عن حمل غيرها، فصح أنه جسم، ولو كان عرضا لضعف عن القيام بنفسه، ومن الحمل لغيره، وقد قال القاسم عليه السلام في جواب مسائل سئل عنها: وسألته عن الروح الذي يكون في الحيوان، فقال: هو المتحرك الذي به يحيى الحيوان، ويذهب، ويقبل ويدبر، ويعرف وينكر، وهو شيء لا يعرف بالعين، وإنما يعرف بالدليل واليقين.
وقال الهادي إلى الحق عليه السلام في جواب مسائل الرازي: وسألت عن الروح، وهو شيء خلقه الله وصوره وافتطره بحكمته، وجعله تحيا به الأبدان والأعضاء تعيش به مما جعل الله في الأبدان من الأشياء، به تبصر الأعيان المبصرة، وبه تسمع الآذان السامعة، وبه تنطق الألسن الناطقة، وتشم الأنف، وتبطش اليدان، ويميز القلب، وتمشي الرجلان، وجعله قواما لما حملت الأبدان، ودليلا على قدرة الرحمن ...إلى قوله: ولم يوصف الروح بغير ما وصفنا، ولم يستدل عليه بغير ما دللنا؛ وقد قال الله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}[الإسراء:85].
صفحة ١٣٣