وأيضا فإن في القرآن دلائل كثيرة، مثل قوله تعالى: {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن}[الأحقاف:29]، وقوله: {إنا سمعنا قرآنا عجبا }[الجن:1]، وقوله تعالى: {إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى }[الأحقاف:30]، وقوله تعالى: {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به }[الجن:13].
وقال الهادي إلى الحق عليه السلام في جوابه لابنه محمد بن يحيى عليهما السلام -وقد سأله عن النبوءة والإمامة- فأجابه عن ذلك ثم قال: (إن الله سبحانه تعبد عباده بمعقول ومسموع، فالمعقول ما أدرك بالتمييز والنظر بالعقول، والمسموع فهو ما يسمع بالآذان من المسموع المؤدى عن نبيء أو وصي أو إمام مهتد، وإذا كان فرض الله وتعبده لخلقه بالمسموع، وكانت حاجة السامع إلى تأدية المسموع لازمة، إذ كانت حجة الاستماع على المستمع واجبة)، فبين أن المسموع غير المسمع؛ ولأنه ذكر المسموع والمسمع والسامع، وبين أن المسموع هو المؤدى عن نبيء أو وصي أو إمام مهتد فصح ما قلناه.
وأما قولهم: إن القرآن لم يفارق قلب الملك، وأن هذا الذي معنا دليل عليه. فنقول: هل حجة الله علينا الدليل أو المدلول عليه؟ فإن قالوا: الحجة المدلول عليه. قلنا: فلم ينزل الله على زعمكم حجة، إذ قلتم: القرآن لا يفارق قلب الملك؟
صفحة ١١٤