ومما يدل أيضا على أنها معلقة منوطة أنا وجدنا لها جهة واحدة، وهي الجهة العليا، فعلمنا أن لها جهة سفلى؛ وهي حدها الأسفل، ولا يكون شيء له أعلى إلا وله أسفل، وقدام وخلف، ويمين وشمال.
ونظرنا وإذا هي قد قدرت على أربعة معان وهي: اللين، والخشونة، والحرارة، والبرودة؛ وإذا هي لم تخل من هذه الأربعة المعاني.
ونظرنا فإذا الزمان على أربعة معان: صيف، وخريف، وربيع، وشتاء. فالصيف حار يابس، والخريف بارد يابس، والربيع حار رطب، والشتاء بارد رطب. ووجدنا الأجساد بنيت على أربعة أمزاج: مرة صفراء، ومرة سوداء، ودم، وبلغم. فالصفراء حارة يابسة تكثر في الصيف، والسوداء باردة يابسة تكثر في الخريف، والدم حار رطب يكثر في الربيع، والبلغم بارد رطب يكثر في الشتاء، فعلمنا أنها محدثة مقدرة، محكمة مدبرة، لظهور الصنع والتدبير فيها.
ومما يدل على حدوثها أنها لا تخلو من الزيادة والنقصان، والتغيير في الأحوال والأعيان، وأنها لا تنفك من الأوقات والأزمان، وكما كان للأيام والليالي أول وآخر ثبت حدثها، وإذا ثبت حدثها ثبت حدث ما لا ينفك منها.
والزمان هو وقت حركة العالم وسكونه، وقالت العلماء قبلنا: الزمان مقدار الحركة، وقد أحسنوا فيه القول. ألا ترى أن السنة هي مسير الشمس في البروج من الحمل إلى الحمل؟!
صفحة ٨٣