243

ويجب على القاذف إذا قذف مؤمنا ولم يأت بأربعة شهداء التوبة وتسليم نفسه إلى الإمام ليأخذ منه حد القذف للمقذوف أو لورثته، إلا أن يعفو عنه المقذوف أو ورثته قبل المطالبة إلى الإمام، وإن لم يكن إمام سأل المقذوف الحل، وعلى من طلب منه الحل في هذا أو في الغيبة أن يحل ويعفو، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((أفضل الفضائل أن تعطي من حرمك ، وتصفح عمن شتمك، وتصل من قطعك)).

وحقيقة التوبة الندم عن فعل الذنب كائنا ما كان -ترك فريضة، أو عمل معصية- فهذا يجب الندم من فعل المعاصي، وترك الواجبات، والعزم على أن لا يفعل معصية، ولا يترك واجبا ، والخروج عن المظالم.

ومن الندم أن لا يتوب من ذنب ويرتكب ذنبا مثله؛ وهذا مروي عن القاسم بن إبراهيم عليه السلام، وهو قول جميع الزيدية، وبه قال أبو هاشم وأكثر المعتزلة. وقال أبو علي وأبو القاسم البلخي: (تصح توبته من ذنب، وإن كان مصرا على غيره) وهذا لا أصل له؛ لأن من اعتذر إلى زيد في قتل ولده، وهو مع ذلك غير مقلع عن ظلمه لا يكون معذورا في قتله، وكذلك من امتنع من شرب الخل لحموضته فأكل أحماض الأترنج لا يكون ممتنعا من الحامض فصح أنه لا يكون تائبا ما دام مصرا على معصية. والصغائر مع الإصرار تكون كبائر (وهو قول الناصر عليه السلام).

صفحة ٣١٦