ولم يوصف الله بالكبرياء في مقام الوعيد للكبرياء بالنكال والإذلال، إلا ليذكر المتكبر الجبار أن الله أقدر منه على التكبر والجبروت. •••
والإسلام يزكي مذهب التوسط فيما يقبل التوسط بالمقادير أو بالدرجات كالإنفاق الذي ينتهي الإسراف فيه إلى اللوم والحسرة:
ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا (الإسراء: 29)،
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (الفرقان: 67)،
كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (الأنعام: 141)،
وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (الأعراف: 31).
ولكن القسطاس في فضائل الإسلام لا يرجع إلى المقدار والتوسط فيه، بل يرجع إلى الواجب وما يقتضيه لكل أمر من الأمور ، فإذا وجب بذل المال كله وبذل الحياة معه في سبيل الحق فلا هوادة ولا توسط هنا بين طرفين، وإنما هو واجب واحد يحمد من المرء أن يذهب فيه إلى أقصاه.
ولا يصدق هذا على شئون القوة والكرم وحسب، بل يصدق في شئون الرحمة حيث تجب لمن هو أهل لها.
فالإسلام على كراهته الذل لأتباعه يستحب منهم الذل في الرحمة بالوالدين الشيخين:
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة (الإسراء: 24).
صفحة غير معروفة