لا محذور فيه، لأنا نحكم بكفره ظاهرا وإمكان إيمانه باطنا (1)، فالموضوع مختلف فلم يتحقق اجتماع المتقابلين ليكون محالا.
ونظير ذلك ما ذكرناه من دلالة الاقرار على الإيمان، فيحكم به مع جواز كونه كافرا في نفس الأمر.
وأقول أيضا: النقص المذكور لا يرد على جامعية تعريف الكفر، وذلك لأنه قد بين أن العدم المأخذ فيه أعم من أن يكون بالضد أو غيره، وما ذكره من موارد النقض داخل في غير الضد كما لا يخفى، وحينئذ فجامعيته سالمة، لصدقه على الموارد المذكورة، والناقض والمجيب غفلا عن ذلك.
ويمكن الجواب عن مانعية تعريف الإيمان أيضا، بأن نقول: من عرف الإيمان بالتصديق المذكور جعل عدم الاتيان بشئ من موارد النقض شرطا في اعتبار ذلك التصديق شرعا وتحقق حقيقة الإيمان.
والحاصل أنا لما وجدنا الشارع حكم بإيمان المصدق وحكم بكفر من ارتكب شيئا من الأمور المذكورة مطلقا، علمنا أن ذلك التصديق إنما يعتبر في نظر الشارع إذا كان مجردا عن ارتكاب شئ من موارد النقض وأمثالها الموجبة للكفر، فكان عدم الأمور المذكورة شرطا في حصول الإيمان.
ولا ريب أن المشروط عدم عند عدم شرطه وشروط المعرف التي يتوقف عليها وجود ماهية ملحوظة في التعريف وإن لم يصرح بها فيه، للعلم باعتبارها عقلا، لما تقرر في بداهة العقول أنه بدون العلة لا يوجد (2) المعلول، والشرط من أجزاء العلة كما صرحوا به في بحثها، والكل لا يوجد بدون جزئه.
وهذا الجواب واللذان قبله لم نجدها لغيرنا، بل هي من هبات الواهب تعالى
صفحة ١٠٧