ثم قال: والثاني باطل، أما أولا، فبالاتفاق من الإمامية.
وأما ثانيا فلقوله تعالى " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " (1) ولا شك أنهم كانوا صدقوا بألسنتهم، وحيث لم يكن كافيا نفى الله تعالى عنهم الإيمان مع تحققه.
وقوله تعالى " ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين " (2) فأثبت لهم الاقرار والتصديق باللسان ونفى إيمانهم، فثبت بذلك أن الإيمان هو التصديق مع الاقرار.
ثم قال: لا يقال لو كان الاقرار باللسان جزء الإيمان للزم كفر الساكت.
لأنا نقول: لو كان الإيمان هو العلم أي (3) التصديق لكان النائم غير مؤمن لكن لما كان النوم لا يخرجه عن كونه مؤمنا بالاجماع مع كونه أولى، بأن يخرج به النائم عن الإيمان، لأنه لا يبقى معه معنى (4) الإيمان، بخلاف الساكت فإنه قد بقي معه معنى منه، وهو العلم لم يكن السكوت مخرجا بطريق أولى.
نعم لو كان الخروج عن التصديق والاقرار، أو عن أحدهما على جهة الإنكار والجحد، لخرج بذلك عن الإيمان، ولذلك قلنا، إن الإيمان هو التصديق بالقلب والاقرار باللسان، أو ما في حكمهما انتهى محصل ما ذكره.
أقول: قوله " إن النائم ينتفي عنه العلم أي التصديق " غير مسلم، وإنما المنتفي شعوره بذلك العلم، وهو غير العلم، فالتصديق حينئذ باق، لكونه من الكيفيات النفسية، فلا يزيله النوم، وحينئذ فلا يلزم من عدم الحكم بانتفاء الإيمان من النائم عدم الحكم بانتفائه عن الساكت بطريق أولى.
صفحة ٩٣