[هل الإيمان هو نفس المعرفة أو غيرها؟] وهاهنا بحث تقدم الوعد بنقله وبيانه في أول تحرير المذاهب حاصله: إن العلامة التفتازاني ذكر في بعض تحقيقاته أن بعض القدرية ذهب إلى أن الإيمان هو المعرفة.
وأطبق علماؤنا على فساده، لأن أهل الكتاب كانوا يعرفون نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله، كما كانوا يعرفون أبناءهم، حيث أخبر الله تعالى عنهم بذلك، مع القطع بكفرهم لعدم التصديق.
ولأن من الكفار من كان يعرف الحق وينكره عنادا واستكبارا، كما قال تعالى " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم (1) " فلا بد من بيان الفرق بين معرفة الأحكام واستيقانها، وبين التصديق بها واعتقادها، ليصح كون الثاني إيمانا دون الأول.
والمذكور في كلام بعض المشايخ أن التصديق عبارة عن ربط القلب على (2) ما علم من إخبار المخبر، وهو أمر كسبي يحصل باختيار المصدق، ولذا يثاب عليه ويجعل رأس العبادات.
بخلاف المعرفة، فإنها قد تحصل بغير كسب، كمن وقع بصره على جسم فحصل له معرفة بأنه جدار أو حجر مثلا.
وهذا ما ذكره بعض المحققين من أن التصديق هو أن تنسب باختيارك الصدق إلى المخبر، حتى لو وقع ذلك في القلب من غير اختيار لم يكن تصديقا وإن كان معرفة.
قال: وهذا مشكل، لأن التصديق من أقسام العلم، وهو من الكيفيات النفسانية لا من الأفعال الاختيارية، لا نا إذا تصورنا النسبة بين الشيئين وشككنا أنها بالاثبات
صفحة ٧٧