وجه الدلالة فيه: أن المراد من الدين هنا الإيمان، لأن طلب تثبيت القلب عليه يدل على أنه متعلق بالاعتقاد، وليس هناك شئ آخر غير الإيمان من الاعتقاد يصلح لثبات القلب عليه بحيث يسمى دينا، فتعين أن يكون هو الإيمان، وحيث لم يطلب غيره في حصول الإيمان علم أن الإيمان يتعلق بالقلب لا بغيره.
وكذا ما روي أن جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله فسأله عن الإيمان؟ فقال: أن تؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر.
ومعنى ذلك: أن تصدق بالله ورسله واليوم الآخر، فلو كان فعل الجوارح أو غيره من الإيمان لذكره له، حيث سأله الرسول صلى الله عليه وآله عما هو الإيمان المطلوب للشارع.
وإن قيل: ظاهر الحديث فيه مناقشة، وذلك أن الرسول عليه السلام سأله عن حقيقة الإيمان، فكان من حق الجواب في شرح معناه أن يقال: أن تصدق بالله لا أن تؤمن لأن " أن " مع الفعل في تأويل المصدر، فيصير حاصله الإيمان هو الإيمان بالله، فيلزم منه تعريف الشئ بنفسه في الجملة، وذلك لا يليق بنفس الأمر.
والجواب أن المراد من قوله " أن تؤمن بالله " أن تصدق، وقد كان التصديق معلوما له عليه السلام لغة، فلم يكن تعريف الشئ (1) بنفسه، فهذا إنما يكون بالقياس إلى غيرهما عليهما السلام، وإلا فالسائل والمسؤول غنيان عن معرفة المعاني من الألفاظ.
وأما الإجماع، فهو أن الأمة أجمعت على أن الإيمان شرط لسائر العبادات، والشئ لا يكون شرطا لنفسه، فلا يكون الإيمان هو العبادات.
أقول: على تقدير تسليم دعوى الإجماع، فللخصوم أن يقولوا: نحن نقول بكون التصديق بمسائل الأصول شرطا لصحة العبادات التي هي الإيمان، ولا يلزمنا بذلك أن يكون تلك المسائل هي الإيمان، فإن سميتموها إيمانا بالمعنى
صفحة ٧٣