تسميتهم بالمؤمنين باعتبار ما كانوا عليه وخصوصا على مذهب المعتزلة، فإنهم لا يشترطون في صدق المشتق على شئ حقيقة بقاء المعنى المشتق منه.
ويمكن دفعه بأن الشارع قد منع من جواز إطلاق المؤمن على من تحقق كفره وعكسه، والكلام في خطاب الشارع، فلا نسلم لهم الجواب.
ومنه قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (1) فإن أمرهم بالتقوى التي لا تحصل إلا بفعل الطاعات والانزجار عن المنهيات مع وصفهم بالإيمان، يدل على عدم حصول التقوى لهم، وإلا لما أمروا بها مع حصول الإيمان لو صفهم به، فلا يكون الأعمال نفس الإيمان ولا جزءا منه، وإلا لكان أمرا بتحصيل الحاصل.
ويرد عليه جواز أن يراد من الإيمان الذي وصفوا به اللغوي، ويكون المأمور به هو الشرعي وهو الطاعات، أو جزؤه عند من يقول بالجزئية.
ويجاب عنه بنحو ما أجيب عما أورد على الدليل الثاني، فليتأمل.
ومنه أيضا الآيات الدالة على كون القلب محلا للإيمان من دون ضميمة شئ آخر، كقوله تعالى " أولئك كتب في قلوبهم الإيمان " 2 أي: جمعه وأثبته فيها والله أعلم.
ولو كان الاقرار أو غيره من الأعمال نفس الإيمان أو جزءه، لما كان القلب محل جمعه، بل هو مع اللسان وحده، أو مع بقية الجوارح على اختلاف الآراء.
وقوله تعالى " ولما يدخل الإيمان في قلوبكم " (3) ولو كان غير القلب من
صفحة ٧١