وكان يقال: أرض الرجل ظئره، وداره مهده. والغريب النائي عن بلده، المتنحي عن أهله، كالثور الناد عن وطنه، الذي هو لكل رام قنيصة. وقال آخر: الكريم يحن إلى جنابه، كما يحن الأسد إلى غابه.
وقال آخر: الجالي عن مسقط رأسه ومحل رضاعه، كالعير الناشط عن بلده، الذي هو لكل سبع قنيصة، ولكل رام دريئة.
وقال آخر: تربة الصبا تغرس في القلب حرمة وحلاوة، كما تغرس الولادة في القلب رقة وحفاوة.
وقال آخر: أحق البلدان بنزاعك إليه بلد أمصك حلب رضاعه.
وقال آخر: إذا كان الطائر يحن إلى أوكاره، فالإنسان أحق بالحنين إلى أوطانه.
وقالت الحكماء: الحنين من رقة القلب، ورقة القلب من الرعاية، والرعاية من الرحمة، والرحمة من كرم الفطرة، وكرم الفطرة من طهارة الرشدة، وطهارة الرشدة من كرم المحتد.
وقال آخر: ميلك إلى مولدك من كرم محتدك.
وقال آخر: عسرك في دارك أعز لك من يسرك في غربتك.
صفحة ٣٨٦