وحدثني التوزي عن رجل من عرينة قال حدثني رجل من بني هاشم قال: قلت لأعرابي من بني أسد: من أين أقبلت؟ قال: من هذه البادية. قلت: وأين تسكن منها؟ قال: مساقط الحمى حمى ضرية، بها لعمر الله ما نريد بدلا، ولا نبغي عنها حولا، أما الفلوات، فلا يملولح ماؤها، ولا يحمى ترابها، ولا يعمر جنابها، ليس فيها أذى ولا قذى، ولا أنين ولا حمى؛ فنحن بأرفه عيش وأرفع نعمة! قلت: فما طعامكم فيها؟ قال: بخ بخ! عيشنا والله عيش تعلل جادبه، وطعامنا أطيب طعام وأهنؤه: الهبيد والضباب واليرابيع، والقنافذ والحيات، وربما والله أكلنا القد، واشتوينا الجلد، فلا نعلم أحدا أخصب منا عيشا، فالحمد لله على ما بسط من السعة، ورزق من الدعة، أو ما سمعت قول قائلنا وكان والله عالما بلذيذ العيش:
إذا ما أصبنا كل يوم مذيقة
وخمس تميرات صغار كنائز
صفحة ٣٩٤