ولكن لم أستطع يا ضياء، لم أستطع أن أغير نفسي طويلا، سرعان ما أفقت لنفسي، أو أفاق هو لنفسه، ولعله كان أيضا هاربا مثلي من صدمة، ويكتفي مني بظاهري ولا يبحث عن أعماقي، أو لعله كان يريد أن ينسى بي حبا قديما كما كنت أفعل، ومثل هذه الأشياء لا تدوم طويلا يا ضياء.
وكان ضياء يجلس إلى جواري، يستمع إلي وفي عينيه ألم بليغ، وأحسست بسعادة خفية حينما لمحت الألم في عينيه، لم أدر لماذا؟ لكني شعرت أنه كان يحس، وأنا أتكلم، أنه المسئول عما حدث وأنه سبب شقائي.
ضياء يتألم! ومن أجلي!
هذا هو ضياء كما عرفته، وكما أحببته، وهذه هي نظرة الألم في عينيه من أجلي لم تتغير ولم تتبدل، كأنه لم يصدمني أبدا، كأنه لم يهجرني أبدا، كأنه لم يتزوج امرأة غيري!
ولم أعاتبه، بل لم أفكر في أن أعاتبه، رغم أنني كنت أنوي ذلك في أول لقاء لي بعد زواجه، لكني نسيت أنه خان عهدي، أحسست من نظرة الألم في عينيه أنه إنسان صادق، أنه لا يستطيع أن يخدع أحدا، لا شك أنه أجبر على الزواج إجبارا، ولعل وراء ذلك سببا لا أعرفه!
وعاد إلي حبي القديم له دفعة واحدة، ورآه في عيني، فهو يفهم نظراتي، وقلت له: ضياء، إنك رجل فاضل، أفضل رجل عرفته، إنك إنسان نبيل، أنبل إنسان عرفته!
كيف قلت له ذلك؟ لم أدر!
أفضل رجل! أنبل رجل! كيف؟ هو الذي لفظني كالنواة، وتزوج امرأة غيري دون أن يطلعني على الخبر!
لم أعرف كيف قلت له ذلك، لكني أحسست في عينيه الصدق، والفضيلة، والنبل، وأحسست في لمسات يديه العاطفة الحقيقية، التي لا تعرف الزيف أو الكذب!
ومضى وقت الزيارة سريعا، ولم أشعر إلا وأنا أقف وأقول له: طيب يا ضياء ، أشكرك على حسن استقبالك لي، وأرجو لك حياة سعيدة.
صفحة غير معروفة