" هذا بقية آبائى "
رواه الطبرانى، وقال صلى الله عليه وسلم فيه رضى الله عنه
" ردوا على أبى فإنى أخشى أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود "
وقال صلى الله عليه وسلم
" أنا ابن الذبيحين "
فإن أحدهما أبوه عبدالله إذ وقع السهم عليه أن يذبحه أبوه تقربا، ففدى بمائة من الإبل، والآخر إسحاق فإنه أخو أبيه إسماعيل، فليس يجده، فسمى نفسه أنه ابنه مع ذلك، لكن الراجح أن أحدهما إسماعيل وهو المشهور، لا ما قيل إن المشهور أنه إسحاق، والعرب تسمى العم أبا والخالة أما، وقدم إسماعيل على إسحاق لأنه أكبر منه، ولأنه جد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى ينتهى إليه أمر الإسلام الذى فيه الكلام، وسواء قدموه حين قالوا أو قدمه الله، فإن كانوا قدموه كما هو ظاهر الآية فالعلة أنه أكبر، أو علموا من الوحى أنه جد رسول الله، صلى الله عليه وسلم الذى هو صفوة الرسل كلهم وسر الوجود، ثم ظهر لى وجه محتمل هو أن يعطف إسماعيل على آبائك لا على إبراهيم، فلا يدخل فى جملة الآباء، وعلى هذا الاحتمال يكون المراد بالآباء إبراهيم وإسحاق أطلق عليهما لفظ الجمع. وقرأ أبى { وإله إبراهيم } بطرح آبائك وقرأ { وإله أبيك } إما على أنه جمع بالياء والنون حذفت النون للإضافة والياء الموجودة ياء الجمع ولام الكلمة محذوفة، تقول جاء أبوك الكرام، أى الأبون لك الكرام. قال زياد ابن واصف السلمى فى نسوة أسرن
ولما تبين أصواتنا بكين وفديننا بالأبينا
أى لما عقلن أصواتنا، وروى أشياخنا بكين، وقلن جعل الله فداءكم الأبين، أى آباءنا، والألف بعد نون الأبينا للاطلاق، وإما على أنه مفرد والياء بدل من لام الكلمة، وعلى هذا يكون إبراهيم عطف بيان أو بدلا وحده، فيعطف إسماعيل وإسحاق على أبيك، وإن قلت إلهك وإله آبائك وإله واحد، قلت إله واحد لكن أعاد ذكر إله لأنه لا يعطف فى الغالب على الضمير المخفوض المتصل إلا بإعادة الخافض، والخافض هنا هو المضاف وهو إله، وأفاد ذلك توكيدا، وأيضا كرر بالعطف باعتبار الصفة المتكررة، فإنه بمنزلة قولك نعبد الذى ثبتت ألوهيته لك وألوهيته لآبائك، كقولك جاء زيد العالم العاقل، بمعنى جاء زيد المتصف بالعلم والعقل، ونفى ما يوهم ذكر الإله فى الموضعين من تعدد المعبود بقوله { إلها واحدا } فإنه توحيد صريح، والنصب فى الهاء على البدلية من إلهك، أو على الحالية منه اللازمة وهى موطئه، لأنها جامدة موصوفة بمشتق وهو قوله واحد، أو على الاختصاص، أى نريد إلها واحدا، أو نعنى إلها واحدا، أو تخص إلها واحدا، لكن نصب النكرة على الاختصاص قليل، وسهله هنا وصفها فكانت كالمعرفة. { ونحن له مسلمون } مخلصون فى العبادة أو العبودية أو التوحيد، أو مذعنون. والجملة حال من الضمير فى نعبد أو من إلهك أو منهما والبيانيون يجيزون الاعتراض آخر الكلام، فيجوز على طريقهم كونها معترضة للتأكيد، أى ومن حالنا إنا له مسلمون، ويجوز عطف تلك الجملة الاسمية على الجملة الفعلية، وهى نعبد تلك الأمة أو الجماعة وهى إبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيلن أو هم وبنوهم المؤمنون، فالإشارة إليهم، وإنما أنت اسم الإشارة وهم ذكور لتأنيث الخبرن أو لتأويلهم بالأمة أو الجماعة، بدليل الإخبار عليهم بالأمة، وإنما تسمى الجماعة أو الفرقة من الناس أمة، لأن الفرق تؤمها أى تقصدها، والأمة فى الأصل المقصود.
[2.134]
{ تلك أمة قد خلت } قد مضت لسبيها وانقطعت عنكم يا معاشر اليهود والنصارى، فلا تذكورهم بشىء تكذبوا فى ذكرهم، وقد ذكروا قبحهم الله إبراهيم ويعقوب وإسحاق وبنيهم باليهودية والنصرانية، ذكر اليهود باليهودية والنصارى بالنصرانية، وهم كاذبون. { لها ما كسبت } أى لها جزاء ما كسبت من العمل. { ولكم ما كسبتم } جزاء ما كسبتم من الخير إن كسبتم منه شيئا، والخطاب لليهود والنصارى، فلستم تنتفعون بأعمالنا، ولو انتسبتم إليها وإنما تنتفعون بموافقتهم فى الشريعة، فاخرت اليهود والنصارى فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبراهيم ومن ذكرناه معه، كما فاخروا أيضا قبله، وقالوا إنهم أجدادنا وهم يشفعون فينا، فرد الله عز وجل عليهم بالآية، وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم
صفحة غير معروفة