ونحو ذلك من أبيات حسنة، ساقها الثعالبى فى كتاب السيرة، وألفه يحذف فى الخط ويقرأ، ويجوز أن تكتب كسائر الأعلام الرباعية فصاعدا كصالح وسليمان فى جواز الوجهين، وتحذف فى خط المصاحف، وإنما صدر الملائكة الكلام سبحانك، اعتذارا عن طلبهم التفسير وعن الجهل بحقيقة الحال، ولكونهم صدروا به كلام توبتهم، كما صدر به موسى توبته إذ قال
سبحانك إنى تبت إليك
ويونس إذ قال
سبحانك إنى كنت من الظالمين
{ لا علم لنا إلا ما علمتنا } أى لا معلوم لنا إلا ما علمتنا، فالعلم بمعنى المعلوم، وما اسم، ويجوز إبقاؤه على المصدرية، فتجعل ما اسما أيضا على حذف مضاف، أى لا علم إلا ما علمتناه، وذلك منهم مراعاة للذنب بتفويض العلم كله إليه، واعتراف بالعجز عن أن ينبئوه بأسماء هؤلاء، واعتراف بأنه قد ظهر لهم ما خفى عليهم من فضل الإنسان، والحكمة فى استخلافه، وإظهار لشكر نعمته التى هى تعليمه إياهم ما قد علمهم إياه، وهى أيضا كشف ما خفى عليهم من فضل الإنسان والحكمة فى خلقه.
{ إنك أنت } توكيد للكاف، وهو ضمير رفع استعير للنصب، وإنما جاز هذا مع أنه لا يجوز قولك إن أنت لأنه يغتفر فى الثوانى ما لا يغتفر فى الأوائل. ألا ترى أنه يجوز يا هذا الرجل، ويا أيها الرجل دون يا لرجل ويجوز رب رجل وأخيه، دون رب أخيه. ويجوز قم أنت وزيد، برفع زيد بقم ولا يجوز قم زيد على جعل زيدا فاعلا، أو مبتدأ خبره ما بعده، أو ضمير فعل لا محل له. وقد قيل فى ضمير الفصل إنه حرف. وأنا أعجب ممن يجعله بدلا أو بيانا، لأنه لم يفد شيئا زائدا على ما أفاده ما قبله، وكذا منعهما ابن مالك، وليس كجاء زيد أخوك، لأن الثانى يفيد الأخوة دون الأول، ولا كجاء أخوك زيد، لأن الأول يفيد الأخوة، والثانى يفيد العلمية. { العليم } أى العالم بكل شىء علما بليغا كثيرا بكثرة المعلومات. { الحكيم } لا يفعل غير ما فيه حكمة بالغة، لا عبث ولا فساد فى فعله ومصنوعاته، ولا جور فى قضائه والله أعلم. وذلك دليل على أن مفهوم الحكمة زائد على مفهوم العلم لذكرهما معا فى لقوله { إنك أنت العلم الحكيم }. والأصل عدم التكرير. ومن أراد أن يعلمه الله الغائبات، وينقاد له الجن والإنس لوقته وحينه فليتطهر ويصم الخميس الأول من الشهر. ويفطر ليلة الجمعة على سكر وخبز وشعير وبقل وينم ويقم نصف الليل سواء فيتطهر ويستقبل ويقرأ قوله تبارك وتعالى
وإذا قال ربك
إلى قوله عز وجل { العليم الحكيم } ثلاثين مرة. ويقل أيتها الأرواح الطاهرة المواصلة الموكلون بهذه الآية المطيعون لسرها المودوع فيها، أجيبوا الدعوة وأفيضوا أنوار روحانيتكم على، حتى أنطق بالكائنات وأخبر بما خفى خبر صدق، وأميلوا إلى وجوه بنى آدم وبنات حواء وقلوبهم، رغبا ورهبا. ثم اكتب الآية فى جاز زجاج بماء الآس والزعفران والمسك. ويمحها بماء ورد ثم يشربه وينم. يفعل ذلك سبع مرات. وفى ليلة الخميس السابع يتلو الآية سبعين مرة، ويتكلم بذلك الكلام أربعين مرة، ويكون فى بيت خال وهو يتبخر بالعود، فإذا فرغ من ذلك نام فى ثيابه، فإنه يرى فى منامه ما يسره ببلوغ أمله فيما سأل ويصبح وقد تم أمره بقدرة الله تعالى. قال الله تبارك وتعالى { يا آدم أنبئهم }.
[2.33]
{ يا آدم أنبئهم } أخبر الملائكة. { بأسمآئهم } أى بأسماء المخلوقات، أو بأسماء الملائكة على ما مر. فروى أنه عليه السلام سمى لهم كل شىء باسمه، وذكر حكمته التى خلق لها، قال الشيخ هود - رحمه الله - قال آدم هذا كذا وهذا كذا، فسمى كل نوع باسمه، يعنى ميز كل نوع وسماه باسمه. قال وقال بعضهم سمى كل شىء باسمه وألجأه إلى جنسه. يعنى أنه سمى كل فرد من أفراد كل نوع، ونسبه أيضا إلى نوعه. والله على كل شىء قدير. وقرئ أنبيهم بالياء ساكنة سكونا ميتا، بدلا من الهمزة. وبناء الأمر على سكون الهمزة، الذى صار إلى بدله وهو الياء بعد الإبدال، وكان قبله على الهمزة، فلا تحذف الياء بعد، وقرئ بإبدالها ياء وحذف الياء وإنما حذفت تشبيها بياء يرمى. ويقال قلبت الهمزة فى المضارع المرفوع ياء شذوذا، فحذفت فى الأمر كحذف ياء يرمى فى ارم ولم يرم، أو على لغة من يقلب كل همزة فى الطرف تلى حركة ما يجانس الحركة. { فلمآ أنبأهم } آدم. { بأسمائهم } وفى هذا دليل على أن آدم نبى رسول، لأن الله جل جلاله أمره أن ينبئهم فأنبأهم بما لم يكن عندهم، فهو رسول إلى الملائكة وإلى ذريته. ومزية سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم أمروا أن يؤمنوا به رسولا كما أمر سائر الخلق، وليس آدم على هذه الصفة ولو آمن به الملائكة. { قال } عتابا باللملائكة. { ألم أقل }؟ الاستفهام للتوبيخ وإنكار أن يكون قولهم أتجعل مما ينبغى وإنكار أو نكون لم يقل وتقرير أنه قال. { لكم } يا ملائكتى. { إنى أعلم غيب السماوات والأرض } ما غاب عنكم فيهما ما هو موجود، وما مضى وما سيوجد، فقد علم أحوال آدم قبل استخلافه، وعلم أنه أهل للخلافة. { وأعلم ما تبدون } ما تظهرون من قول وفعل وحركة وسكون. { وما كنتم تكتمون } فى عقولكم أو ما تبدون من قولكم نطيع الله ولو فضله علينا وما يكتم إبليس فيكم أنه إن فضله عليه صى وسعى فى إهلاكه، وبه قال ابن عباس. أو ما تظهرون من قولكم أتجعل فيها وما تكتمون من قولكم إن الله لن يخلق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم، فإنهم قالوا فيما بينهم ولم يقولوه لله فسماه مكتوما، وهو تعالى لا تخفى عليه خافية أو تبدوه من قولكم أتجعل فيها وما تكتمون ما اعتقدوه أنهم أحقاء بالخلافة. ويوافق الاحتمال الذى قيل هذا قول الحسن وغيره إنهم لما قال الله عز وجل
صفحة غير معروفة