كما استطاع أن يدخل في الوزارة دائما صديقه ابن عيسى، وأن يدفع بالقنائيين أحبابه وتلاميذه وحزبه، إلى الصدارة حينا، وإلى كراسي الوزارة أحيانا.
كما استطاع الحلاج، أن يبعد خصمه الأكبر حامد عن الصدارة، وعن الوزارة، رغم صلاته الكبرى بالخليفة، ورغم نفوذه الضخم في الدوائر الأرستقراطية، ولدى الشيعة، وعمال الخراج، ورجال المال.
وبجانب هذا وذاك كان الحزب العسكري يهادن الحلاج ولا يبارزه الخصومة، بل كان في أكثر من موقف يصادقه، ويمد يده إليه. (2) المحاكمة الكبرى
وفي نهاية عام 308ه عاد مؤنس التركي - كبير القواد العسكريين - إلى بغداد، بعد أن أنقذ دولة العباسيين في مصر من الفاطميين في المغرب .
ويصور لنا المستشرق ماسنيون تلك الحقبة الحاسمة من التاريخ، وأثرها في قضية الحلاج وحياته، تلك الحقبة التي انقلبت فيها السياسة العسكرية العامة فجأة، فأنجبت مسائل صغيرة من الصراع السياسي، نتائج خطيرة، بعيدة المدى في التاريخ.
يقول ماسنيون: استفاد حامد من عودة مؤنس كبير القواد إلى بغداد، كما استفاد من الأحداث نفسها.
فبعد أن أنقذ مؤنس مصر من الفاطميين، كان عليه أن يحمي إيران ضد تهديد الديلميين، الذين دخلوا الري بفضل واليها - الفارسي - أخ صعلوك مساعد مؤنس سابقا، وكان دائما في حماية نصر وابن عيسى - أصدقاء الحلاج.
فعرض حامد على مؤنس ضرورة القضاء على أخ صعلوك، ولما كان هذا أميرا سامانيا، فلا بد من مجانبة الوزير الساماني، وهو - البلعمي - وهو شافعي من أنصار الحلاج.
10
ومثل هذا القلب في الاتجاه السياسي يقتضي التشديد في زيادة الضرائب، ولن يوافق الخليفة على هذا، إلا إذا تخلى عن ثقته بابن عيسى ونصر القشوري.
صفحة غير معروفة