الشهيد الذي وقف على آلة صلبة، يتحدى الدنيا فلما قطعت أعضاؤه، وتدفق دمه، أخذ يتوضأ بهذا الدم، فلما سئل ماذا تفعل، قال: «ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم.»
ولسنا هنا بصدد تحليل تلك الشخصية الخارقة، فلهذا مكانه من تلك الدراسة.
وإنما نقدم لمحات، ترشد وتومئ إلى شخصية الحلاج، وتلقي شعاعا من الضوء على أسرارها.
وتلك اللمحات التي نقصدها، هي موقف أعلام التصوف الإسلامي في عصر الحلاج من الحلاج، وموقف الحلاج منهم.
يقول المستشرق ألفردفون كريمر: «فالكل مجمعون على أنه كان على رأس فرقة كبيرة، وأنه كان له أتباع كثيرون، أعجبوا به، واتخذوه إماما ومرشدا.»
18
ويذكر لنا ماسنيون:
19
أن كثيرا من الأمراء، وقواد الجيش، وعظماء الدولة العباسية، وأعلام المعتزلة، وفقهاء الحنابلة، وصفوة من المفكرين والمصلحين، ومع كل هؤلاء جمهرة كبيرة من الناس، كانوا جميعا من أتباع الحلاج، ومن تلاميذه، ومن المؤمنين بقداسته وولايته، ودعوته الإصلاحية.
ومع هذا كله، فإن عددا من أعلام التصوف الإسلامي في عصره، قد خاصمه ولم يناصره في أهدافه وصيحاته، ولم يسانده في محنته واستشهاده.
صفحة غير معروفة