وعاد زارا إلى السير فمشي ساعتين أيضا وهو يهتدي إلى رسوم الطريق بنور النجوم، وقد كان معتادا السرى ويحب أن يتفرس في كل ما يروق له، وعند ما لاح الصباح كان زارا وصل إلى غابة كثيفة حيث انقطع كل طريق أمامه، فتوقف ووضع الجثة في فراغ شجرة حواها حتى رأسها ليقيها هجمات الذئاب، ورقد بعد ذلك متوسدا نبات الأرض وما عتم حتى استغرق في نومه منهوك الجسم مرتاح الضمير.
9
وطال نوم زارا حتى غمرت وجهه أنوار الضحى بعد أن داعبته تباشير الفجر، ففتح عينيه مبهوتا وسرح أبصاره على الغاب ثم حولها يستكشف نفسه ساكنا مستغربا.
وهب من مجلسه فجأة كما يهب الملاح تبدو لعينه الأرض فهتف وقد هزه المرح؛ لأنه اكتشف حقيقة جديدة فخاطب قلبه قائلا لقد انفتحت عيناي. إنني بحاجة إلى رفاق أحياء لا إلى رفاق أموات وجثث أحملهم إلى حيث أريد.
إنني أطلب رفاقا أحياء يتبعونني؛ لأنهم يريدون أن يتبعوا أنفسهم أيان توجهت.
لقد انفتحت عيناي؛ ليس على زارا أن يخاطب جماعات بل عليه أن يخاطب رفاقا، يجب ألا يكون زارا راعيا للقطيع وكلبا له.
إنني ما جئت إلا لأخلص خرافا عديدة من القطيع، وسوف يتمرد الشعب والقطيع علي، إن زارا يريد أن يعامله الرعاة معاملتهم للصوص.
قلت رعاة غير أنهم يدعون بالصالحين والعادلين، قلت رعاة غير أنهم يدعون بالمؤمنين بالدين الحق.
انظروا إلى أهل الصلاح والعدل لتعلموا من هو ألد أعدائهم، إنه من يحطم الألواح التي حفروا عليها سننهم، ذلك هو الهدام ذلك هو المجرم، غير أنه هو المبدع.
انظروا إلى المؤمنين بجميع المعتقدات تعلموا من هو ألد أعدائهم إنه من يحطم الألواح التي حفروا عليها سننهم، ذلك هو الهدام ذلك هو المجرم، غير أنه هو المبدع.
صفحة غير معروفة