294

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

تصانيف

ويلاه! ما أعمق هذا العالم.

6

أيتها القيثارة! لكم أحب نغمات أوتارك كأنها تتعالى من بعيد ومن الزمان المنصرم عن ضفاف نهر الغرام.

ما أنت أيها الجرس إلا هذه القيثارة المشجية فلكم قرعت قلبك الأحزان، أحزان الآباء والأجداد والسلفاء الأقدمين، حتى أنضجت دعوتك الأزمان فغدت كالخريف المذهب وكقلبي المنفرد، فأصبح صوتك كلاما والعالم نفسه قد نضج كالعناقيد لوحها الاسمرار فهو يريد أن يموت مكفنا بحبوره.

أفما تنشقون يا رجال الرقي عبيرا يضوع خفيا، إن هو إلا عبير الأبد، رائحة خمرة السعادة المعتقة، السعادة الثاملة بشوقها إلى الموت المطلقة إنشادها في نصف الليل قائلة: إن العالم عميق، إن العالم أعمق مما كان يظن النهار.

7

دعني ... دعني، إنني أطهر من أن تمسني يدك وقد أكمل عالمي، دعني أيها النهار الأحمق العبوس الثقيل ، أفليست ساعة نصف الليل أشد منك إشراقا؟

يجب على الأطهار أن يسودوا العالم وهم المجهولون الأقوياء تكمن فيهم أرواح نصف الليل المشعة بأنوار أعمق وأصفى من أنوار النهار.

أيها النهار، إنك حولي وتراود سعادتي؛ لأنك تجد في أنا المنفرد ينبوع كنوز لا تفنى.

أنت تطلبني، أيها العالم، وما أنا بالعالمي ولا بالديني ولا بالإلهي، ما أثقلك أيها النهار وما أثقلك أيها العالم!

صفحة غير معروفة