لكم من معرض عن الحياة لم ينفره منها سوي الوغد الزنيم، فعافها إذ لم يشأ أن يقاسم هذا الوغد ما عليها من ماء ولهب وأثمار.
لكم من شارد لجأ إلى الصحراء متحملا السعار عائشا بين الوحوش؛ كيلا يجلس إلى بئر يدور بها حداة العيس بما عليهم من أقذار.
ولكم جاء الأرض من مكتسح أشبه بالبرد المتساقط من السحاب، ولا أمنية له سوى ضرب قدمه في أشداق الأوغاد ليسد حناجرهم.
ما صعب علي الاعتقاد باحتياج الحياة إلى العداء والقتل والاستشهاد كما صعب علي التسليم بضرورة وجود الوغد الزنيم فيها.
أمن ضرورة الحياة هذه الينابيع المسممة والنيران المشبوبة تفوح بالروائح الكريهة، وهذه الأحلام الرجسة وهذه الديدان ترتعي في خبز الحياة؟
ليس العداء ما قرض حياتي بل الكراهة والاشمئزاز، ولكم استثقلت الفكر نفسه عندما رأيت شيئا من الفكر في رأس الوغد الزنيم.
لقد وليت ظهري للحاكمين عندما أدركت معني الحكم في هذه الأزمان، وتأكدت أنه متاجرة بالقوة ومساومة الأوغاد عليها.
استولى اليأس علي فاجتزت مراحل الماضي والمستقبل وأنا أسد أنفي؛ إذ انتشرت علي منهما روائح البيان السخيف.
لقد عشت طويلا كالكسيح أصابه الصمم والعمى والخرس؛ كيلا أعايش أوغاد السلطة وزعانف الأقلام والمسرات.
ارتفع فكري درجة فدرجة وهو يعاني من حذره ما يعاني ولا عزاء له إلا بالغبطة، وهكذا مرت حياة الأعمى وهو يتوكأ على عصاه.
صفحة غير معروفة