غلاف المجلد الأول لمجلة «المشرق» عام 1898.
هذه خلاصة الضجة التي أثيرت حول المسلسل. ومهما يكن من أمر التزام أو مخالفة المسلسل، لما جاء في «اعترافات حافظ نجيب»، التي تعتبر الأساس الأول لفكرته، فإن القائمين على ظهور المسلسل بهذه الصورة، قد وفقوا إلى حد كبير في الوصول إلى أهدافه الفنية والسياسية. فالمسلسل كان أكبر دعاية لإعادة قراءة كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون»، وبثه في أكثر من موقع من مواقع الإنترنت، وبالتالي إتاحة الفرصة للجميع لقراءته وتفهم ما فيه من مخطط صهيوني، ظهرت نتائجه - وما زالت تظهر بقوة - في وقتنا الحاضر. هذا بالإضافة إلى أن المسلسل أعاد للأجيال الحالية فترات زمنية تاريخية، كادت أن تنسى، مثل الحلقة الخاصة بمذبحة دنشواي.
أما على المستوى الشخصي، فقد أجاب المسلسل على تساؤل كان محيرا لي منذ فترة طويلة، مفاده: لماذا ادعت إسرائيل بأن اليهود هم بناة الأهرام المصرية؟! وأظن أن القارئ لم ينس الضجة التي أثيرت حول هذا الأمر، وكم الكتابات النافية لهذا الادعاء. وما زاد من حيرتي أمام هذا الادعاء، أنني قرأت كما كبيرا من الكتابات عن الآثار اليهودية المكتشفة في مصر! تلك الاكتشافات التي تبنى الكتابة عنها الأب لويس شيخو في مجلته «المشرق» في أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين!
فقد ذكر لويس شيخو أن العالم الأثري الدكتور بيتري، اكتشف بلاطة عليها كتابة هيروغليفية لرعمسيس الثاني وابنه منفتاح، تؤكد أن منفتاح استعبد شعوبا متعددة ومن جملتها إسرائيل، وأكد هذا الأمر العالمان شاباس والأب يوسف أوتفاج. كما ذكر أن إقامة بني إسرائيل في مصر بلغت 215 سنة، منذ دخول يعقوب وذريته في أرض الفراعنة، وأن العالم كلرمون غانو اكتشف في جزيرة اليفانتين أو جزيرة أسوان في مصر، آثارا تدل على موقع مدينة «يب» اليهودية، ووجد فيها 124 قطعة من الخزف، عليها كتابات آرامية، كتبها في القرن الخامس قبل الميلاد قوم من اليهود المستعمرين في تلك الجزيرة. كما تم اكتشاف مجموعة من البرديات، مكتوبة من قبل يهود الجزيرة أيضا. وكان أهم اكتشاف في هذه الجزيرة، هو اكتشاف بقايا الهيكل، الذي بناه اليهود في الجزيرة نفسها، وهو يتشابه إلى حد كبير مع هيكل سليمان في فلسطين.
3
ومن الغريب أنني لم أجد باحثا أو عالما أثريا عربيا واحد، فند هذه الادعاءات في وقتها! أو على أقل تقدير كتب رأيه العلمي في المجلة نفسها، سواء بالإثبات أو بالإنكار! رغم أن لويس شيخو نفسه، أظهر نيته السيئة بذكر هذه الأخبار، عندما قال في مجلته (المشرق، 1 / 1 / 1908، صفحة 55): «وخلاصة القول قد أظهرت بهذه المكتشفات العلاقة بين تلك الآثار الآرامية الجليلة، وبرزت إلى الوجود صفحة عزيزة من تاريخ بني إسرائيل بعد جلائهم. وما يزيد الأمر قدرا أن معارفنا عن ذلك العهد كانت أعز من بيض الأنوق، لا نكاد نعلم شيئا من أمر اليهود، منذ عهد نحميا وعزرا إلى ملك الإسكندر، فجاءت هذه الكتابات تسد بعض الخلل في ذلك.»
ولعل القارئ يتساءل: ما علاقة هذا الأمر بمسلسل فارس بلا جواد؟ والإجابة على هذا السؤال، ظهرت في إحدى حلقات المسلسل، عندما اتفق بعض اليهود مع الخواجا دي ماسون العالم الأثري الأجنبي - وهو محمد صبحي متنكرا - بأن يعطوه بعض الآثار اليهودية، كي يضعها ضمن الآثار المكتشفة في مصر، مقابل رشوة مالية! هذا المشهد فسر لي ما قاله لويس شيخو عن اكتشاف الآثار اليهودية في مصر منذ أكثر من مائة عام! كما فسر لي أيضا لماذا ادعت إسرائيل بأن اليهود هم بناة الأهرام! فإذا كان المسلسل فضح هذه المؤامرة الصهيونية، وكشف النقاب عن أسلوب اليهود في غرس آثارهم، وبالتالي وجودهم في تاريخ الشعوب العربية، فيكون المسلسل قد نجح في هدفه السياسي عن طريق الفن!
ومن عجائب القدر، أن مسلسل «فارس بلا جواد»، لم يكن أول عمل فني يعرض على الجمهور عن مغامرات حافظ نجيب! فقد قام حافظ نجيب منذ عام 1915 إلى عام 1921، بتمثيل مغامراته بنفسه أمام الجمهور، من خلال مجموعة من المسرحيات، ألفها حافظ عن حوادثه ومغامراته. ومن هذه المسرحيات: «الحب والحيلة»، «قوة الحيلة»، «الجاسوس المصري»، «محور السياسة »! وسوف نتعرف على هذا الأمر بالتفصيل لاحقا.
ومن عجائب القدر أيضا، أن حافظ نجيب وقبل وفاته عام 1946 بدقائق معدودة «كان يناقش أحد المخرجين السينمائيين، محاولا الاتفاق معه على تمثيل إحدى مغامراته»،
4
صفحة غير معروفة