ويبين جورج طنوس عن هدفه من الكتاب، قائلا في تمهيده: «لا عجب إذا تشوق الناس إلى سماع كل شيء عن حافظ نجيب المحتال الأشهر؛ لأنه أظهر بأعماله وفراره من أيدي رجال البوليس ثلاث مرات متواليات، أنه داهية نادر المثال بين معاشر النصابين والسارقين. ولأن الناس مولعون دائما بالوقوف على أخبار نوابغهم، سواء نبغوا في الشر أو الخير؛ لأنهم يعدون من مصف غير مصاف سائر العالمين؛ إذ برهنوا بأعمالهم واقتدارهم على أن ليس في وسع غيرهم إتيان ما أتوه، من غريب الأعمال ومدهش الأفعال؛ فلهذا رأيت أن أذكر بعض ما يهم من أخبار حافظ نجيب، قبل الحكم عليه في حادث سرقته أوسمة حضرة الكاتبة الفاضلة السيدة ألكسندرا أفيرينو، صاحبة مجلة «أنيس الجليس» تفكهة للقارئين.»
45
بعد ذلك بدأ طنوس بسرد أخبار حافظ نجيب، وهي عبارة عن رؤية مضادة للقصص التي كتبها حافظ نجيب في مجلته «الحاوي»، أو في اعترافاته! فعلى سبيل المثال يقول طنوس: إن حافظ نجيب تنكر في شخصية الراهب واختفى في دير المحرق، بسبب احتياله على راقصة تعمل في القهوات العامة!
46
وهذه المعلومة، تخالف ما ذكره حافظ بأن دخوله الدير، كان بسبب حالته النفسية السيئة أثر انفصاله عن زوجته سيجريس، أو بسبب نصيحة رجال الحزب الوطني، كما مر بنا!
وقصة أخرى يرويها طنوس، تحت عنوان «الكونت الإيطالي وحافظ نجيب في فندق الكونتننتال»، وهي تحكي عن وجود حافظ في فندق الكونتننتال متنكرا في شخصية ابن أمير مات والده. وفي الفندق تعرف على كونت إيطالي، ووصل التعارف بينهما إلى أن حافظ نجيب عرف كل صغيرة وكبيرة عن هذا الكونت. ومن ثم علم حافظ أن الكونت له يخت في البحر فعرف اسمه وأسماء بحاراته ومواقعهم على هذا اليخت. وبعد أيام قليلة، انتحل حافظ شخصية هذا الكونت، وعن طريق النصب والاحتيال استولى على اليخت، وسافر به إلى فرنسا ثم باعه أخيرا في أمريكا.
47
وهذه القصة تختلف اختلافا كبيرا، عما ذكره حافظ نجيب في اعترافاته، عندما قال إنه تعرف على كونت سويدي اسمه ماير، وكان مريضا فساعده على كتابة وصيته، كما طلب منه أن يكتب له توكيلا، حتى يستطيع أن يستخلص ثروته ليضمها إلى الوصية! وعندما مات الكونت انتحل حافظ شخصية البارون الحقيقية، وهي البارون شنيدر، وذلك من أجل تنفيذ وصيته! وبهذا الفعل حصل حافظ على أموال ويخت البارون! والغريب أن حافظ نجيب في اعترافاته لم يخبرنا بنهاية القصة، وما هو مصير اليخت وأموال البارون، وهل قام بتنفيذ وصية البارون أم لا؟! بل إننا نجد في الاعترافات قولا لحافظ نجيب، يشير إلى نيته السيئة تجاه البارون، ويوحي بأنه سيقوم بالنصب والاحتيال عليه!
48
فمثلا عندما طلب حافظ من البارون أن يكتب له توكيلا للحصول على ثروته، وقام البارون بكتابة التوكيل بالفعل، تعجب حافظ من ذلك، قائلا: «لست أدري كيف أصغى لمشورتي وكتبها في غير احتراس؛ لأن الأيام القليلة التي عاشرته فيها لم تكن كافية لحمله على الثقة بي كرجل غريب لا يعرفه حق المعرفة، ثم عللت هذا التصرف غير الحكيم بأنه تم والرجل في حالة ضعف أثرت في عقله تأثيرا منعه من وزن الأمر بعناية قبل كتابة الكتاب الخطير.»
صفحة غير معروفة