فابتسم عثمان مرتبكا ولم يجد ما يقوله فقال الوكيل: ولكنك لا تقرأ ما في فؤادي!
فقال وهو يفكر: إني مدين لك بكل خير في حياتي ..
فابتسم الوكيل وقال: المطلوب منك شيء من الصبر، وسوف تسمع بإذن الله ما يسرك.
غادره ممتنا ومسرورا ولكنه تساءل لم يطالبني بالصبر؟ وقال لنفسه أن الجو يبشر بالخير ولكنه لا يشعر بالطمأنينة الكاملة. وتصبر وعانى العذاب. واستدعاه الوكيل مرة أخرى بعد مرور أسبوع. خيل إليه أن الرجل يعالج نظرة فاترة في عينيه فخفق قلبه خفقة شديدة. قال بهجت نور: لعلك تتساءل عما أخر ترقيتك؟! - فعلا يا صاحب السعادة. - حسن، أنت تعلم رأيي فيك، وأضيف إلى ذلك أن رأي الوزير فيك مثل رأيي .. - عظيم ..
وصمت الوكيل. تبادلا نظرة طويلة. قال صاحب السعادة متسائلا: ماذا فهمت؟
أجاب خامدا: ثمة اعتراضات من فوق! - بالصراحة يوجد شبه صراع .. - والنتيجة يا صاحب السعادة؟ - في اعتقادي أن وزيرنا لن يلين ..
سأل بحلق جاف: ما نسبة الأمل في تقدير سعادتك؟ - كبيرة جدا، ضع ثقتك في الله كما يجدر برجل مؤمن مثلك ..
ثقته بالله لا حد لها. لكن دور الشيطان في الإدارة راسخ منذ القدم. عليه دائما أن يعبر جسرا من المسامير. وتأوه قائلا: الفرص الباقية نادرة جدا.
فقالت راضية: لا تحزن، الدرجة ليست كل شيء في هذه الدنيا ..
ولكنه حزن، ورسب الحزن في أعماقه، وتقدم في العمر جيلا كاملا، وتحولت أحلام الدنيا إلى تراب. واقترحت راضية أن يمضيا يوم العطلة في القناطر. فاستجاب لاقتراحها العذب، وأعطاها قياده تجول به في الحدائق. وهي البسمة السعيدة الوحيدة في حياته. وقالت ضاحكة: حكمة قديمة أن ننسى متاعبنا في أحضان الطبيعة ..
صفحة غير معروفة