اللهم لا رأي مع القضاء.
قال عيسى بن هشام: وسرنا مع العسكري فوصلنا إلى «قلم السوابق وتحقيق الشخصية»، فرأى الباشا هناك من الشدة ما تنخلع له القلوب وتشيب منه النواصي، فجردوه من ثيابه وفحصوا بدنه عضوا عضوا وقاسوا وجهه وجسده، وحدقوا في عينيه، وصنعوا به ما صنعوا وهو يتنفس الصعداء، حتى انتهوا من عملهم، ثم سألوا عن ضمانته فلم يجدوا له ضمانة؛ لأن المعاون - قاتله الله - رد شيخ الحارة عن التصديق على ضمانتي ليجوز له الحبس، فأرسلونا مع العسكري إلى النيابة، ولما دخلنا على النائب وجدنا أمامه قضايا جمة وأصحابها مزدحمون ينتظرون نوبتهم، فانفردنا ناحية ننتظر نوبتنا أيضا، والتفت إلي صاحبي يسأل ويستفهم.
الباشا :
أين نحن الآن ومن هذا الغلام وما هذا الزحام؟
عيسى بن هشام :
نحن أمام النيابة، وهذا عضو النيابة، وهؤلاء أرباب الدعاوى.
الباشا :
وما النيابة؟
عيسى بن هشام :
النيابة في هذا النظام الجديد هي سلطة قضائية مكلفة بإقامة الدعاوى الجنائية على المجرمين بالنيابة عن الهيئة الاجتماعية، والغرض من إنشائها ألا تبقى جريمة بلا عقوبة، ووظيفتها أن تدافع عن الحق، فتظهر ذنب المذنب وتكشف عن براءة البريء.
صفحة غير معروفة