تقول: «إن المحمول يكون ظرفا فيفتح، ويكون فعلا ... إلخ، ويكتفى في إعرابه بأنه محمول» (ص9). وعادت في ص10 فقالت: «يخلو الفعل في «زيد قام» من الضمير، وإنه المحمول.» ولا نقف عند خلوه من الضمير أو تحمله إياه، ولكنا نسأل كيف يعرف الفاعل في «قام محمد»؟ وهل سيترك القول في بنائه وإعرابه ليطرد إعرابه خبرا في «محمد قام» دون بيان حال آخره؟! وهل ترك المسألة مرسلة هكذا يكون تيسيرا للصعوبة أو هو فرار منها؟! (8)
قالت اللجنة في المطابقة بين الموضوع والمحمول: «إذا كان الموضوع مؤنثا كان في المحمول علامة التأنيث.» وهذا يصح في الجملة الصغرى، أما في الجملة الكبرى فلا؛ إذ تقول: «اللجنة أصاب رأيها، وحسن حظها»، فيكون المحمول في «أصاب» و«حسن» ناقضا للقاعدة، وإن قلنا معهم - كما في ص9، س5 - أن الخبر الجملة يكتفى في إعرابه بأنه محمول، فهذا خبر جملة، وجب فيه التفصيل في الإعراب ليعرف أن المطابقة فيه بين «حسن» وفاعله، لا بين «حسن» و«اللجنة» التي هي مبتدأ، ثم فيه بعد ذلك الربط بين جملة الخبر ومبتدأ لها لا بد من مراعاته، ففي المسألة تعقيد ونقص لا يسر، إلا أن يكون التيسير بالإغفال والإنقاص! (9)
قالت اللجنة: «إذا كان المحمول متأخرا لحقته علامة «العدد التي توافق الموضوع»، وإذا كان متقدما لم تلحقه، فيقال: «الرجال قاموا»، و«قام الرجال».» ونصت على أنها أخذت في ذلك برأي المازني الذي يقول: «الواو للذكور، والنون للإناث، والألف للمثنى، والتاء للواحدة، علامات لا ضمائر» (ص9، س16). وبذلك زادت اللجنة شيئا جديدا على الضمير، هو علامة العدد التي اختارتها، ولكنها أهملت في هذه العلامة دلالتها على الجنس ذكورة وأنوثة، وعلى الحال حضورا وغيبة وخطابا، ولم تستفد شيئا إلا ترك إعرابها، ولو اكتفت بإعرابها فاعلا دون تفصيل لكان أيسر، وهو ضروري؛ لأنها مضطرة إلى بيان الخبر الجملة في نحو المثل السابق: «هذه اللجنة أصاب رأيها»، لتعلم الدارس أن المطابقة في الجملة الخبرية بين جزأيها، لا بين جزء منها وبين الموضوع أو المبتدأ التي هي خبره.
وتقول اللجنة في هذا المقام (ص9، س18): «إنها بتقسيم الجملة إلى محمول وموضوع، وجعل إشارات العدد علامات، يسرت الإعراب، ونائب الفاعل، وقللت الاصطلاحات، وجمعت أبواب الفاعل والمبتدأ واسم كان واسم إن في باب الموضوع، وجمعت أبواب خبر المبتدأ وخبر كان وخبر إن في باب واحد هو المحمول، وخففت برد باب ظن إلى الفعل المتعدي.» وحسن هذا لو كفى، ولكنك تسألها: سيبقى بعد ذلك أحكام لكل واحد من هذه الأشياء، فأين ستدرس؟ فهناك مثلا ما ينوب عن الفاعل مما لا يصلح فاعلا، وهناك مطابقة الفعل للفاعل وجوبا وجوازا وصحة تعبير وخطأ، وهناك حذف المبتدأ وجوبا، وتقديمه وجوبا، واستغناؤه عن الخبر، وحذف الخبر وجوبا، وتقديمه كذلك، وهناك حذف اسم كان وخبرها وترتيبها معهما، وهناك فتح أن مثلا وكسرها وتخفيفها، فهل ستبحث هذه الأشياء في باب المحمول والموضوع دون أن تسمى؟ وكيف يكون ذلك؟! وإذا بحثت في موضوعات مستقلة، فماذا صنعنا؟! وإذا تركت فماذا صنعنا؟! وهلا كان الأولى أن تكون النواسخ وأحكامها مع المبتدأ والخبر بعد استيفاء أحكامهما ... إلخ؟! والحق أن الصعوبة ذاتية ليست شكلية، يدفعها ضم باب إلى باب وإدماج مسألة في أخرى.
ونكتفي بهذا في التعليق على أمهات الاقتراحات التي قدمتها اللجنة، وننظر في محاولة أخرى حاولتها بعد الذي اعتبرته ضبطا للجملة، وتلك هي: (10)
أنها جعلت بعد الجملة وتكملتها ما سمته الأساليب (ص10)، ورأت أن توجه العناية في درس هذه الأساليب إلى طرق الاستعمال لا بتحليل الصيغ (ص11)، وقد يفهم هذا فيما مثلت به من التعجب والتحذير والإغراء، ولكنها جعلت من الأساليب الاستثناء (ص13)، فكيف يدرس هذا الاستثناء بطريق الاستعمال، وأدواته: أفعال وأسماء وحروف، وأحكام كل منها - كما نعرف - كثيرة منتشرة لا يأتي عليها عرض، بل هو - إن كان - يتسع اتساعا، خير منه درس الأحكام، وكذلك لا تغني هذه الشكلية في علاج صعوبة ليست في صناعة النحويين، بل في بناء اللغة نفسها، وفي سعتها، وفي أشياء أخرى من طبيعتها، هي التي نعرض لأهمها حين نتحدث عن: (9) صعوباتنا اللغوية اليوم
ونكرر الإشارة هنا إلى أهمية العامل الاجتماعي في تخفيف هذه الصعوبات، أو في زيادتها أحيانا، وقد تنبهت اللجنة إلى هذا العامل، وأشارت إليه على ما مر، ونكرر هنا موعدتنا بأن نجعل هذا العامل الاجتماعي موضع البحث، حينما نعرض لدراسة المنهج النحوي نظريا وتاريخيا.
أما هنا، فهدفنا - كما قلنا - عملي قريب، ولجنة التيسير قد قدمت بين يدي اقتراحاتها ما رأته أساس الصعوبة في النحو، ولكني أخرت الحديث عن رأيها في ذلك إلى ما بعد النظر في قراراتها، ليسهل تقدير نظرها في هذه الصعوبات، بعد فهم مدى تيسيرها وأثره.
وعند اللجنة: أن أهم ما يعسر النحو على المعلمين والمتعلمين ثلاثة أشياء:
الأول:
صفحة غير معروفة