ولا علاقة للغاتهم بالسنسكرت، وقد درسها علماء أوروبا قبل اكتشاف السنسكرت، ولتلك اللغات عدة لهجات، وتقسم إلى أربعة فروع أساسية لكل واحد منها نحو خاص وآداب خاصة، وهذه الفروع الأربعة هي: فرع الكنري ويتكلمون به بالغرب في جبال كهات الغربية وكوكن وملبار، وفرع المليالم ويتكلمون به في ساحل ملبار على الخصوص، وفرع التيلغو ويتكلمون به بالشرق في وادي غوداوري ووادي كرشنا، وفرع التمول ويتكلمون به بالجنوب في ساحل كوروميندل ورأس كماري وقسم من جزيرة سيلان.
وتجد بين الدراويد الذين يقطنون في جنوب الهند من وادي غوداوري إلى رأس كماري أناسا من الهمج مقيمين، على العموم، بالمناطق الوعرة التي دحرتهم المغازي المتتابعة إليها، فهؤلاء هم عنوان السكان الأصليين الخلص أو الذين توالدوا هم والصفر قليلا.
فإذا طرحت هؤلاء جانبا رأيت في هضبة الدكن الواقعة في جنوب نهر غوداوري طبقات كثيفة من العرق الدراويدي يبلغ عدد أفرادها خمسين مليونا.
ولا يقسم أولئك الدراويد إلا من ناحية اللغة مع بعدهم من التجانس المطلق، وجميع الدراويد يسايرون تقدم الحضارة منذ زمن طويل ويدينون بدين البراهمة، ويبدون من طائفة الشودرا. والهمج، على العكس، يعدهم الهندوس نفاية البشر ومنبوذي الطوائف وطريدي العدل وأطلة الدم.
والتمول المقيمون بشرق الهند الدراويدية وبوسطها أمدن الدراويد، وبين التمول تقوم المدينتان مدراس وبون دي جيري، وفي مدراس تطبع كتب التمول بلا انقطاع، وما في لغة التمول من الكلمات الكثيرة والتراكيب الوافرة يجعلها ذات آداب، ويتكلم بهذه اللغة 15000000 شخص، ويتم لها الغلب على الكنرى والتيلغو الدراويديتين، وللتمول كتب وضعت منذ ألف سنة.
وأمة التمول ذات نجدة وشهامة وإقدام واستعداد للتقدم، وعليها يتوقف مصير الهند الجنوبية على ما يحتمل.
ويعيش التيلغو في ساحل كوروميندل سائرين إلى الجنوب، والتيلغو دون التمول مدنية ولهم ما لهؤلاء من العدد.
شكل 3-1: حاجان هندوسيان في جوار مدراس.
والمليالم، ويتكلمون بإحدى اللهجات الدراويدية الأربع المذكورة آنفا، يسكنون ساحل ملبار، والهندوس الذين هم فريق منهم هم، على عكس التمول، هاربون من التمدن ومتمسكون بعاداتهم القديمة.
وتقع كرناتك أو «الأرض السوداء» في وسط الدكن، وتشتمل على مملكة ميسور وعلى جزء من مملكة نظام، ففي تلك المنطقة يتكلم الناس بلغة الكنري التي هي ثالثة اللغات الدراويدية الأدبية، والوسط هو «البلد الأسود» الحقيقي حيث يتجمع التراب الأسود المتفتت من الحجارة البركانية، بفعل سيول الرياح الموسمية وفيضانات الأنهر، والصالح لزراعة القطن.
صفحة غير معروفة