وتلك الهضاب ذات التراب البركاني غير خصيبة، وقليلة السكان على العموم، ويستثنى من ذلك ضفاف الأنهار والأودية ذوات الأطيان السود، والجزء الغربي الذي تحمل الرياح الموسمية الجنوبية إليه سيولا مباركة في كل سنة.
ويقطن في الشمال الغربي من ذلك القطر المراتها الذين كانت لهم دولة قوية محاربة مرهوبة في الهند بأسرها فيما مضى.
قهر المراتها سكان تلك الجهات الأصليين البهيل، واستقروا بعرضي جبال كهات وبالهضاب العالية وبسهول كونكن الغنية، وثار المراتها على الإنجليز غير مرة، ولاقى هؤلاء الأمرين في رد جماحهم، وإذا عدوت المراتها وجدت أهالي الدكن من الدراويد، أو من الذين تغلب عليهم العنصر الدراويدي على الرغم من كل توالد.
ولم يبق سوى دولة ميسور ودولة حيدر آباد من الدول الكبيرة التي استولت على جنوب الهند فاتخذت غولكندا وبيجابور وبيجانغر عواصم لها فكان لها في أخيلة الأوربيين أعجب الذكريات.
وتقع مملكة ميسور على الجانب الشرقي من جبال كهات الغربية، ويستند جنوبها إلى جبال نل غيري، وتفيض سحب الرياح الموسمية عليها بعد أن تصب بصولة في ساحل ملبار، ويستر بعض مملكة ميسور، لذلك، نبات قوي، وتشتمل على غاب عجيبة يكثر فيها شجر الصندل الطيب الشذا الذي يتقن الهنود نقره وترصيعه، وتصدر القطن والحبوب والأبازير إلى الخارج ، وتظهر عاصمتها التي تسمى ميسور أيضا مدينة صحية هيفاء، وإن كان الأوربيون يفضلون عليها أوتاكامند الواقعة في جبال نل غيري، والمعدودة مدينة الصحة في جنوب الهند.
وفي ميسور، في جنوب نهر كرشنا، على الجانب الغربي من جبال كهات، ينبع نهر كاويري الذي هو أهم أنهار جنوب الهند، فيترك منطقة الهضاب فورا من شلال يزيد ارتفاعه على مائة متر، فيبدو في زمن الفيضان من أروع شلالات الدنيا، فيتألف في آخره دلتا واسعة تسمى ضلعها العريضة كولرون فيقدس كما يقدس أكثر أنهار الهند، فأقيمت في الأماكن التي يجري منها؛ «أي في تانجور وتري جنابلي وكنبه كونم ومدورا»، معابد مشهورة تختلف عن معابد الهند الأخرى بأبوابها الهرمية الكبرى المغطاة بألوف التماثيل ذات الأثر الرائع في مجموعها.
ويتكون من أقصى الهند الواقع في جنوب نهر كاويري منطقة جبلية وحشية ذات غابات كثيرة مملوءة بالضواري والأفاعي، وذات أودية غير صحية، وتبذل جهو طيبة في الانتفاع بترابها، وتقام مدن لهو في منحدرات جبالها حيث تلطف الحرارة وتجيء نسام
17
لينة ملائمة للصحة.
وتشتمل دولة نظام الكبيرة، التي هي أوسع دول الهند شبه المستقلة، على جميع القسم الأعلى من الدكن، وعاصمتها حيدر آباد الإسلامية من أكثر مدن الهند وقفا للنظر، فهي تصلح مثالا لما كانت عليه عواصم الشرق، كبغداد، أيام سلطان العرب.
صفحة غير معروفة