تعالي، أيتها الزوجة الحسناء، تعالي يا منية الآلهة، تعالي أيتها المرأة ذات القلب الحنون واللحظ العذب والصالحة لزوجها ولأنعامها والمعدة لولادة الأبطال!
إن امتياز المرأة هو مقاسمتها لزوجها شرف تقريب القربان.
ونضيف إلى ذلك الامتياز نظم المرأة للنشائد، ففي الرغ ويدا أناشيد كثيرة ممضاة بأسماء نساء.
ويظهر أن الاقتصار على زوجة واحدة كان مبدأ آريي ويدا على العموم، ونحن إذا ما نظرنا إلى الأمر بما نراه بعد ذلك وجدنا الأمراء والأغنياء منهم كانوا يتزوجون عدة زوجات، والذي حفز الآريين إلى انتحال مبدأ تعدد الزوجات هو احتياجهم الملح إلى الأولاد الذكور، فالرجل الذي لا تلد له زوجته الأولى إلا إناثا كان يتزوج امرأة أخرى بحكم الضرورة.
وكان للفتاة أن تختار زوجها، وكان للفتاة أن ترفض تكليل المبارز الغالب في المبارزة عند وجود غير خاطب واحد لها كما يحدث أحيانا، وإن كانت موافقتها على المبارزة ضربة لازب، وفي كتب الويدا وصف دقيق للغرام الناشئ ولأولى العلاقات بين الفتيان والفتيات، والآريون، إذ لم يروا سعادة في الدنيا والآخرة خارج الأسرة، كانت تدفعهم أسباب دينية ومصالح دنيوية، أي كل ما يمكن أن يؤثر في الروح البشرية، إلى الاهتمام بكل ما يمت إلى النكاح بصلة.
شكل 1-3: أودي غيري «أوريسة». مقدم دير راني نور البدهي المنحوت في منحدر جبل «في القرن الثاني قبل الميلاد».
وكانت طقوس الزواج تتسم بذلك الطابع الديني البادي في جميع شئون الأسرة، فتظهر رائعة بالصلوات والقرابين والنذور وتظهر ذات بهجة بسناء الأزياء وكثرة الحضور وضروب اللهو والطرب كما ورد في أنشودة طويلة من أناشيد الرغ ويدا، فالمرء حين يقرأ أنشودة «أعراس سورية» يخيل إليه أنه يشاهد عيدا قديما من أعياد الأسرة كما لو ذهب راجعا ألوف السنين في مجرى الأجيال، ويلوح له أنه يسمع نصيحة الكاهن وما يكلم به الفتى خطيبته.
ويضاف إلى صفة الأب الرائعة في تقريب القرابين سلطانه المطلق، فيطيعه أبناؤه إطاعته للأجداد، لا إطاعة العبيد للأسياد، فإذا ما طعن الأبوان في السن وعجزا عن العمل غذاهما أبناؤهم ما يغذون الأجداد بالقرابين، ولم تقطع هذه الفروض المتقابلة قط، وكل ما كان الآري ينشده هو أن يشيخ بين أولاده وحفدته، وما كان ليخاف الكبر ما بدأ يتذوق فيه شيئا من طعم سعادة الأجداد الأبدية الهادئة. (5) نظم الآريين السياسية والاجتماعية
لم يوجد للنظم السياسية ولنظام الطوائف وللنظام الحكومي أثر في أوائل العصر الويدي حينما كان الآريون يقيمون بسهول الهند الواسعة ذات الأنهار السبعة، وإن شئت فقل حينما كانوا يقيمون، قبل دخولهم وادي الغنج، بالمنطقة التي تروى بمياه نهر السند وروافده.
وقد رأينا أن الأسرة هي أساس مجتمع الآريين، وأن هذا المجتمع كان يؤلف من العرق بأسره من غير وظائف وطبقات، فرب الأسرة كان يجمع في شخصه صفة المقرب والزارع والمحارب، أي جميع الوظائف التي إذا ما فصل بعضها عن بعض نشأ نظام الطوائف، ولم يكن للثراء الذي هو مصدر التفاوت الاجتماعي وجود في ذلك الحين، أجل، كان الأبطال يبدون زعماء وقت الجهاد، وكان أشجعهم يسير رئيس أصحابه، ولكن أرضا إذا ما استولي عليها فوجب إحياؤها بالفأس والنار لتصلح للزراعة بمشقة تساوى الجميع في القيام بذلك.
صفحة غير معروفة