يدعى حفيد جندر غبتا بأشوكا الشهير الذي تقلد الملك سنة 250 قبل الميلاد تقريبا، ومما جاء في بعض الأساطير البدهية أن أشوكا هذا قتل إخوته المائة الذين ولدوا لأبيه من ست عشرة زوجة، فأمن بذلك أمر منافستهم له، فبسط ملكه على جميع شمال الهند، وتتضح حدود مملكته من الكتابات التي لا تزال موجودة، فمنها نرى أنها قامت بين أفغانستان والبنغال وهمالية ونربدا، وأنها تاخمت مملكة الإغريق في بقطريان من الغرب.
وبدئ تاريخ الهند المعماري بالملك أشوكا، ولا يزال كثير من العمد التي رفعها لتنقش عليها مراسيمه قائما، وأشهر هذه الآثار، كالموجودة في بهارت وسانجي وبدهة غيا ذات النقوش البارزة المعتبرة في تاريخ البدهية، صنع في أيام ملكه أو بعدها بزمن قليل، ولم ينته إلينا شيء من القصور التي أنشأها، ونفترض، مع ذلك، أنها جميلة جدا، فقد روى الحاج فاهيان، الذي رأى أطلالها وأطلال برج قصره في باتلي بوترا، أنها من الأعاجيب التي يعجز عن صنعها إنسان.
وأشوكا ذلك هو الذي جعل من البدهية دين الهند الرسمي، وكان على جانب عظيم من الحمية الدينية فأرسل مبشرين إلى كل ناحية، حتى سيلان، حتى مصر بالقرب من بطليموس فيلادلفيا.
ودام ملك آل مورية الذين كان أشوكا أهم رجالهم نحو قرن ونصف قرن، أي بين سنة 325 وسنة 188 قبل الميلاد، فبعد أن أديل منهم انقسمت الدولة التي شادها أشوكا إلى عدة دويلات ذوات ملوك مستقلين، واستطاعت مملكة مغدها أن تدوم، مع ذلك، إلى القرن السادس من الميلاد مقتصرة على البقعة التي تعرف في عصرنا ببهار، وتجد في القوائم التي وضعها البورانا أسماء ملوك مغدها لمدة ألف سنة، ولكن هذه القوائم غير موثوق بها.
والوثائق الوحيدة التي انتهت إلينا عن الهند بعد عهد أشوكا حتى الغزو الإسلامي هي المباني وأساطير البورانا، فهذه الوثائق وما يضاف إليها من أحاديث الحاجين الصينيين هي كل ما نستطيع أن نتمثل به حضارة الهند في ذلك الدور الطويل.
ولم يظهر في أثناء ذلك الظلام الدامس الذي دام اثني عشر قرنا غير قليل من الرجال ذوي الخطر فخلدت أحاديث الهند ذكراهم، وأشهر أولئك هو الرجل الأساطيري وكرماديته الذي كان ملكا لمالوا ومقيما بأوجين بالقرب من نربدا، ففي تلك الأحاديث أنه بسط ملكه على بلاد الهند إلى أقصى جنوب الدكن، وعلى ما في تاريخه من روح الأساطير نرى أنه مثل دورا مهما، فأرخ الهندوس سنة جلوسه فافترضوا أنها سنة 57 قبل الميلاد، فاتخذوها مبدأ للتاريخ المعروف بسموا.
ومن دواعي الأسف أن خلت تواريخ الهندوس من الضبط، شأن الهندوس في كل أمر، فمن البحث الدقيق في المباني والكتابات الحجرية يثبت لنا أن وكرماديته كان يملك بعد التاريخ المدون في الكتب بستمائة سنة.
وإلى هذا البطل تعزو الأساطير طرد الشيث من الهند، والشيث كانوا قد أوغلوا بين إغريق بقطريان قبل الميلاد بقرنين فأخضعوهم، ثم انتحل أحد ملوكهم كنشكا البدهية فأقام قبيل الميلاد دولة اشتملت على أفغانستان والبنجاب وراجبوتانا، ولا نعلم عن تاريخ الشيث في الهند غير أنهم نشروا الفن الإغريقي فيها، كما يشهد بذلك بعض التماثيل بمترا.
ونذكر من معاصري وكرماديته، وذلك بحسب الكتابات التي فسرها كننغهم، الراجه هرشاوردهان الذي دام ملكه من سنة 607 إلى سنة 648 فقص علينا الحاج الصيني هوين سانغ الذي زار الهند سنة 634 أنه من أقوى ملوك شمال الهند، وكانت مدينة قنوج التي هي من أقدم مدن الهند عاصمته، وهذه المدينة ظلت مقرا لآل غبتا مدة طويلة، ويفترض أنها من مهود
3
صفحة غير معروفة