Mosaïque .
وفي قبلي المسجد أمام المحراب قبة من رصاص، وهي المعروفة بقبة النسر ، وكأنهم شبهوا المسجد بنسر وهي رأسه، وليس في دمشق شيء أعلى ولا أبهى منظرا منها، وهي محمولة على ستة أعمدة، قد صور فيها أشكال محاريب وسواها.
وقد رصعت محاريب المسجد بالجواهر الثمينة، وعلق عليه قناديل الذهب والفضة، وشق فيه أربعة أبواب: باب في قبليه، ويعرف بباب الزيادة، وبأعلاه قطعة من الرمح الذي كانت فيه راية خالد بن الوليد، ولهذا الباب دهليز كبير متسع، فيه حوانيت السقاطين وغيرهم، ومنه يذهب إلى دار الخيل، وعن يسار الخارج منه سماط الصفارين، وهي سوق عظيمة ممتدة مع جدار المسجد القبلي، وهي من أحسن أسواق دمشق، وبموضع هذه السوق كانت دار معاوية بن أبي سفيان ودور قومه، كانت تسمى الخضراء، فهدمها بنو العباس وصار مكانها سوقا.
وباب في شرقيه، وهو أعظم أبواب المسجد، ويسمى باب جيرون، وله دهليز عظيم يخرج منه إلى بلاط عظيم طويل، أمامه خمسة أبواب لها ستة أعمدة طوال، وفي جهة اليسار منه مشهد عظيم كان فيه رأس الحسين، وبإزائه مسجد صغير ينسب إلى عمر بن عبد العزيز، وبه ماء جار، وقد انتظمت أمام البلاط درج ينحدر فيها إلى الدهليز، وهو كالخندق العظيم يتصل بباب عظيم الارتفاع، تحته أعمدة كالجذوع طوال، وبجانبي هذا الدهليز أعمدة قد قامت عليها شوارع مستديرة فيها دكاكين البزازين وغيرهم، وعليها شوارع مستطيلة فيها حوانيت الجوهريين والكتبيين وصناع أواني الزجاج العجيبة، وفي الرحبة المتصلة بالباب الأول دكاكين لكبار الشهود، منها دكانان للشافعية، وسائرها لأصحاب المذاهب، يكون في الدكان منها الخمسة والستة من العدول، والعاقد للأنكحة من قبل القاضي، وسائر الشهود متفرقون في المدينة، وبمقربة من هذه الدكاكين سوق الوراقين، الذين يبيعون الورق والأقلام والمداد. وفي وسط الدهليز المذكور حوض من الرخام كبير مستدير، عليه قبة لا سقف لها، تقلها أعمدة رخام، وفي وسط الحوض أنبوب نحاس يزعج الماء بقوة فيرتفع في الهواء أزيد من قامة الإنسان، يسمونه الفوارة، منظره عجيب. وعن يمين الخارج من باب جيرون، وهو باب الساعات، غرفة لها هيئة طاق كبير فيه طبقان صغار، مفتحة لها أبواب على عدد ساعات النهار، والأبواب مصبوغ باطنها بالخضرة وظاهرها بالصفرة، فإذا ذهبت ساعة من النهار انقلب الباطن الأخضر ظاهرا والظاهر الأصفر باطنا.
وباب في غربيه يعرف بباب البريد، وعن يمين الخارج منه مدرسة للشافعية، وله دهليز فيه حوانيت للشماعين، وسماط لبيع الفواكه، وبأعلاه باب يصعد إليه في درج له أعمدة سامية في الهواء، وتحت الدرج سقايتان عن اليمين والشمال مستديرتان.
والباب الجوفي، ويعرف بباب النطفانيين، وله دهليز عظيم، وعن يمين الخارج منه خانقاه تعرف بالشميعانية، في وسطها صهريج ماء، ولها مطاهر يجري فيها الماء، ويقال إنها كانت دار عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه.
وعلى كل باب من أبواب المسجد الأربعة دار وضوء يكون فيها نحو مائة بيت تجري فيها المياه الكثيرة.
وكان في المسجد 600 سلسلة من ذهب، قيل إنها كانت تختطف الأبصار؛ فدخنوها ليكسروا من ضوئها، كما يدخن الأوروبيون الآن الفضة.
وقال موسى بن حماد البربري: رأيت في مسجد دمشق سورة
ألهاكم التكاثر
صفحة غير معروفة