حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار
محقق
محمد غسان نصوح عزقول
الناشر
دار المنهاج
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ
مكان النشر
جدة
فأخذ شاة، فقلت له: انفض الضّرع من الشّعر والتّراب والقذى، فحلب لي في قعب معه- أي: قدح- كثبة «١» من لبن، قال: ومعي إداوة «٢» أرتوي فيها للنّبيّ ﷺ، ليشرب منها ويتوضّأ، قال: فأتيت النّبيّ ﷺ وكرهت أن أوقظه من نومه، فوقفت حتّى استيقظ. - وفي رواية: فوافقته حين استيقظ- فصببت على اللّبن من الماء حتّى برد أسفله، فقلت يا رسول الله: اشرب من هذا اللّبن، فشرب حتّى رضيت، ثمّ قال: «ألم يأن للرّحيل؟»، قلت: بلى، قال:
فارتحلنا بعد ما زالت الشّمس، فاتّبعنا سراقة بن مالك، ونحن في جلد من الأرض/- أي: موضع صلب- فقلت: يا رسول الله أتينا، فقال: «لا تحزن إنّ الله معنا»، فدعا عليه رسول الله ﷺ، قال: فارتطمت فرسه إلى بطنها «٣»، فقال: إنّي قد علمت أنّكما قد دعوتما عليّ، فادعوا لي، فالله لكما أن أردّ عنكما الطّلب، فدعا له رسول الله ﷺ فنجا، فجعل لا يلقى أحدا إلّا قال: قد كفيتكم ما هاهنا، ولا يلقى أحدا إلّا ردّه، فوفّى لنا «٤» .
[وصول النّبيّ ﷺ إلى قباء]
فأقام ﷺ ب (قباء)، ثمّ دخل (المدينة) يوم الاثنين أيضا «٥» .
[دخول النّبيّ ﷺ المدينة، ودعوة الأنصار له بالنّزول عندهم]
قال أبو بكر ﵁: فقدمنا (المدينة) ليلا، فتنازعوا على أيّهم ينزل عليه، فقال ﷺ: «أنزل على بني النّجار، أخوال
(١) الكثبة: هي قدر حلبة خفيفة.
(٢) الإداوة: إناء صغير من جلد.
(٣) أي: غاصت قوائمها في تلك الأرض الجلد. (أنصاريّ) .
(٤) أخرجه البخاريّ، برقم (٣٤١٩) .
(٥) قلت: لقد كان دخول النّبيّ ﷺ إلى قباء يوم الاثنين، أمّا وصوله إلى المدينة فكان يوم الجمعة. وسيأتي ذلك فيما بعد ص ٢٥٣.
1 / 213